لا تزال حالة من الامتعاض والاستغراب تسود في صفوف العاملين بقطاع الحمامات التقليدية جراء قرار وزارة الداخلية، القاضي بتوقفها عن العمل لمدة 3 أيام في الأسبوع، حيث ترى هذه الفئة أن هذا الإجراء الذي تم تنزيله منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع ألحق بهم أضرارًا كبيرة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، ولم يكن له أي فاعلية ملموسة على أرض الواقع فيما يخص ترشيد استهلاك الماء.
♦ امتعاض وتساؤلات حول المستقبل
في تصريحات متفرقة لجريدة “شفاف”، عبر بعض العاملين المياومين بعدد من الحمامات التقليدية بالدار البيضاء عن عدم رضاهم عن هذا القرار الذي جعلهم في حالة عطالة خلال مدة تقارب النصف أسبوع، مشيرين إلى أن ذلك ضاعف من معاناتهم اليومية؛ جراء افتقادهم خلال أيام التوقف الثلاث لأي مورد رزق وعدم قدرتهم في ظل ذلك على تلبيتهم لأساسيات الحياة.
فاطمة، إحدى العاملات لما يصل لـ 20 سنة بإحدى الحمامات التقليدية الخاصة بالنساء، أبرزت لـ «شفاف” بأن تقليص أيام اشتغالهم في خضم غلاء المعيشة المرتبطة بارتفاع أسعار المواد الغذائية، والتكاليف الملقاة على عاتقهم كأداء أجرة الكراء وفواتير الماء والكهرباء، زاد من معاناتهم المادية، متسائلة عن مستقبل هذا القرار وإن كان سيتوقف العمل به في القريب.
وتابعت أن 3 أيام التي تتوقف فيها الحمامات لا يحصلون خلالها على أي مقابل مادي، مشيرة إلى أن أجرتهم تراجعت للنصف مع هذا القرار، موضحة أن أغلب العاملين بهذا القطاع ليس لهم بديل عنه، مطالبة المسؤولين بإيجاد بدائل عاجلة وناجعة تكون مقبولة من لدن الجميع ولا تضر بأي طرف، وخصوصا فئة المياومين الذين ليس لهم أي مصدر للرزق غير امتهان هذا النشاط.
وأوضحت أن أمر التوقف لم تكن له فعليا أي نتائج إيجابية فيما يخص تدبير استهلاك الماء، لافتة إلى أن الأيام التي تفتح فيها الحمامات أبوابها بداية من الخميس تشهد اكتظاظا؛ حيث أن الزبائن الذي كانوا يداومون للقدوم إليها الإثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء أصبحوا يحلون بها الخميس ويستهلكون نفس القدر من المياه الذي كانوا يستخدمونه قبل صدور هذا القرار.
وأشارت إلى أن الاكتظاظ بشكل تلقائي يعقبه الاسراف في استعمال الماء ووجود حالة من الفوضى أحيانا، وهو ما يطرح صعوبة لدى مسيري الحمامات بتنظيم هذ المرفق أو إرشاد الزبائن نحو تفادي السلوكيات المبذرة للمياه، مقترحة الاشتغال طوال أيام الأسبوع مع تقليص أوقات العمل من 16 إلى 8 ساعات يوميا، موضحة أن ذلك سيكون مفيدا للجميع.
♦ أفيلال يبرز رأي مجلس البيضاء في القرار
اعتبر أحمد أفيلال، نائب رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء، ورئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، في تصريح لـ”شفاف” أن توقف الحمامات خلال الأيام الثلاث الأولى من كل أسبوع يبقى قرارًا ولائيا صادرا عن السلطات ولا يمكن غير الامتثال له، لاسيما في ظل الظرفية الصعبة التي تمر بها بلادنا على مستوى ندرة المياه.
وأضاف أفيلال أن من خلال درايته بالقطاع وتواصله الدائم مع مهنييه، باعتباره رئيسا للاتحاد العام للمقاولات والمهن، فإنه يدرك المعاناة العاملين بالحمامات والذين يكسبون قوتهم بما يجنون خلال كل يوم، مشيرا إلى ليس لهم أي دخل أو أجر أسبوعي أو شهري ثابت مثلا.
وأبرز المتحدث ذاته، أنه للأسف مدينة الدار البيضاء اليوم في حالة طوارئ مائية تفرض اتخاذ إجراءات قاسية يجب على الجميع تفهمها، إلى حين إيجاد حلول تكون أقل ضررًا وتأثيرا على المواطنين وكذا عدد من القطاعات والأنشطة التجارية والاقتصادية.
ولفت نائب العمدة إلى أن مجلس الدار البيضاء يعمل بجد عبر عدة إجراءات ومشاريع تروم ترشيد استهلاك الماء الصالح للشرب، والحفاظ على هذه المادة التي تعرف حاليا ندرة وإجهادًا كبيرين بعد توالي سنوات الجفاف، مبرزا أنه يجري باتفاق مع شركة “ليديك” المفوض لها تدبير القطاع بالعاصمة الاقتصادية؛ إقامة مضخات وخفض صبيب تدفق المياه.
وأوضح أنه تم أيضا، إعطاء انطلاقة تشييد محطتين لتحلية مياه البحر بالعاصمة الاقتصادية، مشيرا إلى أن أولاها التي تعد الأكبر من نوعها على مستوى إفريقيا؛ بسعة ستصل إلى 300 مليون متر مكعب في العام؛ ستكون جاهزة للعمل مع نهاية سنة 2026، وذلك لتجاوز أزمة الموارد المائية وضمان توفير هذه المادة الحيوية للساكنة البيضاوية.