بالرغم من الجهود المبذولة لتجويد النقل وتسهيل تنقل المواطنين بالدار البيضاء، لا تزال تعيش العاصمة الاقتصادية أزمة كبيرة في هذا الجانب، حيث شهد أمس الأربعاء تزامنا مع الاستعداد للاحتفال بحلول ذكرى المولد النبوي، حالة من الازدحام والفوضى بمجموعة من المناطق المحورية بالمدينة.
♦السيناريو يتكرر
عاينت جريدة “شفاف” اكتظاظا وازدحاما وفوضى بمجموعة من الشوارع والأزقة المتواجدة بأحياء درب السلطان والحي الحسني، وذلك بحثا عن اقتناء أصناف الحلويات أو شراء بعض الهدايا لتبادلها مع الأعزاء والأحبة، وهو ما كان سببا في إغلاق بعض المناطق والأزقة المعروفة بتواجد محلات شهيرة تبيع هاته السلع.
ولاحظنا في خضم ذلك وجود صفوف عريضة للناس في المناطق المذكورة أمام محطات الحافلات والسيارات، واضطرار المواطنين للتنقل عبر وسائل غير قانونية وتشكل خطرا على حياتهم، مثلما هو الحال مع سيارات “الخطافة” والدراجات ثلاثية العجلات (تريبورتور) والعربات المجرورة بالدواب (الكوتشي).
ومع قضاء أغلب البيضاويين بداية من اليوم الخميس وصولا لنهاية الأسبوع لعطلة مدتها 4 أيام، قرر عدد منهم التوجه لمدن أخرى للاستجمام أو زيارة الأقارب، لكنهم اصطدموا بإشكالية قلة وسائل النقل، حيث لاحظنا انتظار الكثير من الأشخاص بشارع محمد السادس، بالقرب من المجمع التجاري “كراج علال” بدرب السلطان؛ بحثا عن وسيلة نقل تقلهم لوجهتهم ومقصدهم.
ومع مرور الساعات تزايد أعداد المواطنين الباحثين عن مقعد يقودهم لمقصدهم، بغية قضاء هذه المناسبة الدينية مع الأقارب، إذ ظل الكثيرون ينتظرون لوقت طويل قبل أن تتاح لهم الفرصة من أجل صعود إحدى وسائل النقل، التي تبقى قليلة مقابل الأعداد الكبيرة للراغبين في السفر خلال هذا اليوم للاحتفال بعيد المولد النبوي مع أسرهم.
♦امتعاض المواطنين
في تصريحات متفرقة، كشف بعض المواطنين لـ “شفاف” عن امتعاضهم من قلة وسائل النقل، واستغلال بعض أصحاب سيارات الأجرة والحافلات لهذه المناسبة لرفع من التسعيرة، مشيرين إلى أن معاناتهم تتكرر خلال الأعياد والعطل، مطالبين المسؤولين بإيجاد حلول ناجعة وسريعة، خصوصا مع وجود يد عاملة تنتقل يوميا من منطقة شارع محمد السادس نحو ضواحيها.
وأبرز لنا مصطفى، وهو رجل سبعيني، الذي صادفناه بالحي الحسني قرب سوق التعاون، عندما كان يقبل على ركوب “تريبورتور” متجها نحو حي الرحمة، بعدما تسوّق من هذا المركب التجاري مجموعة من السلع تضم الحلويات والفواكه الجافة (الفاكية)، أنه قبل أيام قليلة انقلبت بهم دراجة ثلاثية العجلات، ولحسن الحظ لم يصب هو ومن معه بأي مكروه.
وعن أسباب تفضيله هذه الوسيلة للتنقل، يشير مصطفى إلى أنه حتى في الأيام العادية لا يجد أي بديل عن “تريبورتور” لبلوغ منزله، مضيفا فما بالك خلال هذه المناسبة الدينية، مشيرا إلى أنه كاحتياط أصبح يشدد على ألا يركب إلى مع كبار السن الذين يقودون الدراجات ثلاثية العجلات، مبرزا أن عددا من الشباب الذي يسوقونها لا يكونون في حالة طبيعية ويخاطرون بحياة من يمتطي معهم هذه الوسيلة.
في المنطقة ذاتها، صادفنا فاطمة، وهي تهم بالركوب على متن أحد “الكوتشيات”، فسألناها عن سبب تفضيل هذه الوسيلة، فاختصرت إجابتها بالقول إنها مضطرة لذلك في الأيام العادية فما بالك بهذه المناسبة وأنه لا بديل لها عن العربات المجرورة بالدواب للتنقل بين بيتها والسوق لتبضع حاجياتها، مطالبة المسؤولين وفق قولها بإيجاد بدائل وإنهاء معاناة البيضاويين مع مشكل النقل الذين يعيشونه بشكل يومي.
♦ارتفاع تسعيرة النقل
يشير محمد، وهو أحد العاملين بالدار البيضاء، والذي اعتاد السفر خلال المناسبات الدينية لمسقط رأسه بالدروة انطلاقا من نقطة “كراج علال”، القريبة من حي درب السلطان، عن ارتفاع تسعيرة النقل مجددا، مبرزا أنه كان يؤدي من أجل التنقل ما بين 20 و25 درهما في أقصى الحالات سواء عبر سيارات الأجرة أو الحافلات، لكنه اليوم اضطر لدفع ضعف المبلغ، مشيرا إلى أنه أدى ما يقارب 55 درهما.
ووفق ما استقته “شفاف” من المكان عينه، فإن التسعيرة التنقل من الدار البيضاء نحو الدروة ومديونة وبرشيد وسطات انطلاقا من شارع محمد السادس في الأيام العادية، لم تكن تتجاوز مبلغ 15 درهما عبر الحافلات و25 درهما بواسطة “الطاكسيات”، لكن السبب في الزيادات وفق عدد من منظمي المحطات (الكورتية) يرجع لعودة وسائل النقل فارغة دون ركاب من الأماكن التي تتوجه لها محملة من هذه النقطة بالمسافرين.
وفي ظل قلة وسائل النقل المتاحة للسفر برزت ظاهرة النقل السري، إذ انتشرت سيارات “الخطافة” بالمكان، والتي وجد فيها المسافرين طوق نجاة من أجل ملاقاة الأهل والأحباب خلال هذه المناسبة الدينية، بعدما ظهر جليا شبه غياب لسيارات الأجرة والحافلات، وذلك لكون هذه الأخيرة تتأخر في العودة لهذه النقطة، بسبب انتظارها في الطرف الثاني للرجوع بعدد من الركاب ولو كان قليلا.