تسود حالة من الغضب والاحتقان لدى ساكنة عدد من أرقى أحياء الراقية بمدينة الدار البيضاء، بسبب انتشار عدد من المشردين بمناطق سكناهم، وهو ما يتخلل هذا الأمر من ظواهر سلبية، ترتبط لأعمال شغب وعربدة وتلويث لهاته الأماكن من طرف تلك الفئة التي تجد لها مأوى، وهو جعل البيضاويين ما مرة يشتكون من هذا المسألة، لكن التفاعل مع مطالبهم من طرف المسؤولين لا يزال غائبا.
وعاينت جريدة “شفاف” مجموعة من الوقائع بكل من مناطق آنفا والمعاريف ووسط المدينة، التابعة لعمالة مقاطعات الدار البيضاء آنفا، انتشار أشخاص مشردين يجوبون الشوارع الكبرى بهذه المنطقة، منهم من يعاني من أمراض نفسية وعقلية، وآخرون حفاة وعراة يسيرون بين الأزقة، فيما البعض الآخر يتناولون جميع أنواع المخدرات ويؤثثون الفضاءات العمومية، التي أصبح بعضها ملاذا خاص بهذه الفئة.
وفي هذا السياق، قال رضوان الطاهري في تدوينة له، إن الحقيقة المأساوية لآلاف المشردين هو انتشار مظاهر البؤس والتشرد والشقاء بشكل ملفت للنظر، حيث نزح العشرات من الأشخاص ذكورا وإناثا من مختلف المناطق وجهات المملكة إلى عمالة آنفا، واكتساحهم للشوارع الكبرى والأزقة بالمدينة المليونية.
وأضاف الشاب البيضاوي أنه على سبيل المثال لا الحصر، من منطقة المعاريف وبخاصة شارعي يعقوب المنصور وبئر أنزران والأزقة المجاورة، فإن الوضع أصبح لا يطاق بسبب الإزعاج الناتج عن سلوكيات المشردين والمخمورين على حد سواء، متسائلا عن سبب هذا التسيب ومصيره.
فيما رأى عبدو إلياس في تدوينة له، أن سبب ما يقع من معاناة المشردين وما يتسبب فيه بعضهم من تخريب ومشاكل، هو نتيجة سياسة تهميش العالم القروي تهميشا اقتصاديا واجتماعيا، الذي كان من المفروض ومند بداية الثمانينات سنوات الجفاف على الدولة الاهتمام بهذه المناطق الفلاحية، التي كانت تمثل نسبة عالية من اليد العاملة، لكن تهميش هذه المناطق وعدم خلق فرص الشغل داخل هذا المحيط الفلاحي كرس وبشدة الهجرة القروية.
واعتبرت نعيمة التهامي في منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي، أن “الاستغلال هو أصل الفساد، وأن هؤلاء الناس ضحية الاستغلال الوحشي والنهب الممنهج لخيرات البلاد، وأن المشكل يرتبط في وجودهم بأي مكان وليس فقط أحياء المعاريف وبوركون”.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، أوضح المهدي ليمينة، أحد أبرز الفاعلين الجمعويين بالدار البيضاء، والناشط على مستوى منطقة المعاريف، أن مجموعة من المشردين اختاروا العيش في الشارع بالرغم من أن لهم أسر، مشيرا إلى أنه من خلال الاحتكاك بهم يتبين أن اختيارهم لـ “الزنقة” كملاذ جاء لكون عدد منهم مدمن على تعاطي المخدرات، إضافة إلى أن انتشار هذه الظاهرة بعمالة مقاطعات الدار البيضاء آنفا يعود لسهولة كسب قوتهم اليومية أو مبالغ مالية تكفيهم لشراء الحشيش أو “السيلسيون” أو الخمور أو غيرها من الأمور.
وأضاف ليمينة أنه رغم المبادرات التي قامت بها الدولة لتوفير المآوي لهذه الفئة، إلا أنه لا زال يشاهد كفاعل جمعوي بشكل يومي أطفال تقل أعمارهم عن 16 عاما ذكورا وإناثا، يتوافدون على منطقتي المعاريف وآنفا من جميع نواحي الدار البيضاء وكذلك من مختلف جهات المملكة، لأنها تحتوي على محلات المأكولات الخفيفة التي يقبل عليها زبناء كثر خلال أوقات الذروة، وهو ما يجعلهم يكسبون مبالغ مالية لا بأس بها.
ولفت الفاعل الجمعوي إلى أن الخطورة التي يشكلها هؤلاء المشردين تتمثل في تناولهم المخدرات وتعرضهم للمارة، بهدف الاعتداء عليهم أو سرقتهم، إضافة للهجوم على المنازل غير المأهولة، وهو ما يجعلهم يشكلون مجموعات كبيرة، تتسبب في خلق حالة من الخوف والهلع لدى ساكنة مجموعة من المناطق، وخصوصا خلال الفترة المسائية أو الليل.
وشدد ليمينة على ضرورة تظافر جهود المنتخبين والمصالح الأمنية والسلطات المحلية وفعاليات المجتمع المدني، من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي أرهقت بال البيضاويين، من خلال توعية المواطنين بعدم التعاطف مع فئة المشردين التي تستخدم ما تتحصل عليه من مال في شراء المخدرات، والعمل على توفير مراكز لإيوائهم ومعالجتهم من الإدمان تكون خارج الدار البيضاء، والعمل على القيام بحملات أمنية تمشيطية متواصلة تستهدف هؤلاء الأشخاص الذين لا يتوفرون على مأوى ويقومون أحيانا بأعمال تخريبية والإساءة للساكنة.