تعيش الفئة العمرية الطاعنة في السن في المغرب وضعا اقتصاديا واجتماعيا صعبا، خاصة النساء المسنات، اللواتي يعانين الهشاشة والمرض ويتعرضن للعنف، ويقضين أواخر سنوات عمرهن بمفردهن وحيدات، معتمدات على نفقات العائلة او المحسنيين لتكفل بهن.
وفي هذا الإطار قال عبد الإله الوثيق ، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أن المسنين في المغرب يعيشون وضعية مزرية على جميع الأصعدة النفسية والصحية والمالية والاجتماعية، وهذه الفئة تحتاج إلى الرعاية من الأهل والدولة، وتزامنا مع اليوم العالمي للمسنين الذي تم الاحتفاء به يوم فاتح أكتوبر، الذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر 1990،في قرارها 45/106 ، فدائرة الفئة العمرية الطاعنة في السن توسعت لتبلغ 4.2 من مجموع سكان المغرب.
وحدد يوم فاتح أكتوبر للاحتفاء باليوم الدولي للمسنين من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، حسب قول المتحدث، لتشجيع البلدان على لفت الانتباه إلى الصور النمطية السلبية والمفاهيم الخاطئة عن الشيخوخة وكبار السن والتحديات المتمثلة في ذلك، فضلا عن ذلك تمكين كبار السن من تحقيق إمكاناتهم وقد اختارت ” مرونة المسنين في عالم متغير ” شعار لهذه السنة.
واعتبر رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أن شيخوخة السكان واحدة من أهم التحولات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، لما لها من آثار سلبية على جميع قطاعات المجتمع، فضلا عن الهياكل الأسرية والروابط بين الأجيال. وفي المغرب و على غرار عدد من الدول بدأت قاعدة المسنين تتسع خاصة بعد تحسن أمد الحياة و تحول مؤشرات الصحة الانجابية ، الشيء الذي أكدته احصاءات المندوبية السامية للتخطيط عقب انتقال عدد المسنين بين 1970 و 2022 من مليون مسن إلى 4.5 مليون.
وأوضح المتحدث عينه، أن وضعية السواد الأعظم من هذه الفئة في بلادنا لا تبعث على الارتياح خاصة في ظل غياب استراتيجية حكومية محكمة للتعامل معهم أو مع حاجاتهم أو قضاياهم، خصوصا وأن معظمهم يعيش في ظروف قاسية على المستوى الصحي ،والمادي، والنفسي خاصة في ظل التحولات المجتمعية التي أصبح مجتمعنا يعرفها بسبب اندثار مجموعة من القيم التي كانت تحكمه من قبيل التكافل والتراحم.
وعبر الوثيق عن قلقه على هذه الفئة، بعدما أصبحنا نرى عددا من الأبناء يتخلون عن أبائهم المسنين بشكل غريب عن ثقافتنا، بالإضافة إلى غياب برامج حكومية لمواجهة هذه التحولات.
وفي السياق ذاته، اعتبر الناشط الحقوقي، أن البرامج التي وضعتها وزارة التضامن و الادماج الاجتماعي والأسرة في موقعها الرسمي، غير واقعية ولا تشمل فئة المسنين ناهيك عن وجود بوابات بالموقع لا تفتح وإن حملت، تجد عناوين فقط تخص هذه الشريحة .
وأضاف الوثيق أنه رغم حديث الدولة عن تكوين 10 ألف مساعدة و مساعد اجتماعي في أفق 2030 لمواكبة المسنين، إلا أن هذا الطموح يبقى غير فاعل في غياب استراتيجية وبرامج و إمكانات توضع رهن إشارتهم.
واقترح المتحدث على الحكومة أن تزواج بين ثلاثة منطلقات للتعامل مع توسع قاعدة المسنين في البلاد، إذ دعا الدولة إلى تشجيع الأسر على الاعتناء بذويهم في إطار التكافل الاجتماعي ضمن ما تنص عليه قيمنا الاجتماعية و الدينية مع وضع تحفيزات مادية و مالية في هذا الصدد، ثم الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في دور رعاية المسنين مع خلق ضريبة تضامنية لرعاية هذه الفئة و ضربية جزائية على كل من تخلى عن مسن من أسرته كمساهمة منه باعتباره مسؤول عن خلق وضع جديد له، إذ لا يمكن للدولة أن تتحمله لوحدها، ثم إحداث تأمين ضد مواجهة تقلبات الحياة و التشجيع على الانخراط فيه عبر مساهمة الدولة في تحمل جزء من أقساطه.