لا تزال تنتشر بمجموعة من الأحياء بمدينة الدار البيضاء النفايات الصلبة والهامدة، وذلك بالرغم من المجهودات التي بذلها مجلس جماعة العاصمة الاقتصادية في معالجة هذه الإشكالية، حيث تم خلال الفترة الماضية القيام بحملات في عدد من مناطق المدينة تروم إخلائها من مخلفات مواد البناء وغيرها، قبل أن تعود الأمور بسرعة لما كانت عليه من قبل.
–انتشار النفايات الهامدة
عاينت جريدة “شفاف” بعدد من الأحياء بالعاصمة الاقتصادية وفي أكثر من مكان، تواجد أكوام وأطنان من الحجارة والأتربة وأكياس مليئة بمخلفات مواد البناء، حيث تنتشر هاته النفايات الصلبة بالقرب من المدارس والمؤسسات العمومية والتجمعات السكنية.
ولاحظنا في أحياء كسيدي مومن والحي الحسني والبرنوصي ومولاي رشيد وعين السبع، قيام بعض أصحاب العربات المجرورة بالدواب أو غيرهم من المركبات لتفريغ حمولتها من النفايات الهامدة بأراضي عارية تتواجد بهذه المناطق، وذلك في واضحة النهار، حيث أدى الأمر مع مرور الوقت إلى إغلاق عدد من الأزقة والممرات، بعدما امتدت تلك المواد إلى الطرق.
في تصريحات متفرقة لـ “شفاف”، عبر لنا عدد من ساكنة المناطق المذكورة عن استيائهم من الحالة التي عليها أحيائهم، جراء انتشار مخلفات مواد البناء بمناطق سكناهم، ملقين باللائمة على التصرفات السيئة لمن يتسبب في هذا الأمر؛ سواءً الأفراد الذين يلقون بنفاياتهم في تلك المناطق، أو إلى المسؤولين بالمدينة الذين اعتبروهم (الساكنة) أنهم لا يقومون بدورهم كما يجب، من خلال عدم إصدار قرارات وإجراءات تحسم مع هذا الأمر.
إبراهيم، أحد القاطنين بحي مولاي رشيد، يشير في حديثه إلى “شفاف”، إلى أنه بالمكان الذي يقطن به يرى يوميا قيام عدد من الأشخاص بالتخلص من مخلفات البناء وغيرها من المواد كالزجاج المنكسر بأحد المساحات الخالية، التي لا تبعد عن بيته سوى بأمتار قليلة.
وأوضح المتحدث ذاته، أنه رغم مناشدات الساكنة ولجوئهم للسلطات المحلية والمنتخبين، لم يقع أي تغيير، وأنه حتى في حالة قيام المسؤولين بجمع تلك النفايات، فإنه سرعان ما تعود الأمور لما كانت عليه، بسبب غياب المراقبة أو اتخاذ إجراءات ناجعة للحد من هذه الظاهرة.
على المنوال ذاته، يبرز خالد أن منطقة عين السبع التي يقطن بها، رغم مجهودات السلطات المحلية والمسؤولين، تعرف انتشار مختلف أنواع النفايات سواء الهامدة أو تلك المتعلقة ببقايا النسيج أو غيرها، والتي تظهر أمام مرأى الجميع بعدد من المواقع الخلاء بالحي.
وأضاف أن عامل تواجد العديد من التجمعات والشركات الصناعية بعين السبع، يساهم في انتشار تلك النفايات الهامدة والصلبة بالحي، مشددا على ضرورة عمل مختلف الجهات الوصية على إقرار خطوات ذات فعالية.
–إجراءات جماعة البيضاء
قال أحمد أفيلال، نائب رئيسة مجلس مدينة الدار البيضاء المكلف بقطاع النظافة، في تصريح لجريدة “شفاف”، إنه منذ بداية عمل المجلس الحالي تم اتخاذ عدة خطوات للقطع مع السلوكيات السلبية سواء المتعلقة بالأفراد أو المؤسسات والمقاولات الصناعية، التي تتسبب في انتشار النفايات الصلبة بعدد من أحياء مقاطعات العاصمة الاقتصادية.
وأبرز أنه في هذا الجانب، تم خلال الربع الأول من هذا العام القيام بحملات لجمع هذا النوع من النفايات من مختلف مناطق المدينة، ومراجعة عقود الشركات المفوض لها تدبير قطاع النظافة، حتى تشمل النفايات الصلبة، وجرى تخصيص ميزانية لذلك، والتي ستمول من المداخيل المستخلصة من رخص الهدم والإصلاح.
وتابع نائب رئيسة مجلس مدينة الدار البيضاء المكلف بقطاع النظافة، أنه جرى أيضا تحديد جباية قدرها 120 درهم للطن الواحد من هذا النوع من النفايات، والتي أصبحت تفرض على المنتجين لهذه الأخيرة.
–تسييج المناطق العارية
يوضح أحمد أفيلال، أنه في ظل عودة انتشار النفايات الهامدة بنفس المناطق التي تم جمعها منها في أكثر من مناسبة، وذلك بالرغم من المجهودات التوعوية والميدانية التي قام بها المجلس الحالي، تقرر القيام بتسييج وإغلاق الأراضي العارية دون العودة لأصحابها في ذلك، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تم اتخاذها من قبل مجلس الرباط وكانت ذات فعالية على أرض الواقع.
وأردف أنه سيتم تحميل أصحاب تلك الأراضي العارية والمساحات الخالية للتكاليف المالية الخاصة بهذه العملية، لافتا إلى أنه خلال المرحلة الماضية تم التواصل مع هذه عدد من هذه الفئة (أصحاب الأراضي العارية)، لكن لم يتم تلقي أي تفاعل من طرفهم بخصوص هذا الموضوع.
وعن تاريخ القيام بهذا الإجراء، يشير نائب العمدة إلى أن مكتب مجلس الدار البيضاء سيشرع في تنفيذ هذا القرار خلال قادم الأسابيع، وذلك بعد تقييم وتحديد المناطق المستهدفة، ووضع خطة لتنفيذ هذا الأمر على أرض الميدان.
وأضاف أنه يتم كذلك دراسة مقترح تحويل جميع الأراضي العارية التي لا يريد أصحابها استغلالها لمساحات خضراء من أجل استفادة الساكنة منها، وذلك بلجوء المجلس الجماعي للعاصمة الاقتصادية لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
–مطرح النفايات الجديد
لا تزال تطرح تساؤلات عديدة حول مصير تشييد المطرح الجديد للنفايات المنزلية، وذلك مع قرب اكتمال الطاقة الاستيعابية للمكبِّ الحالي والمؤقت؛ المحدث على مساحة تقارب 35 هكتارا، والذي انطلق العمل به منذ 19 نونبر 2021، حيث تبقت أقل من 14 شهرا عن إغلاقه، بعدما حُددت مدة اشتغاله في 3 سنوات.
وفي هذا السياق، يبرز أفيلال أن المطرح الحالي يمكن الاستمرار في استغلاله لفترة تقارب سنة ونصف، مشيرا إلى أن العمل على إيجاد أرض بديلة لإحداث مكبّ جديد للنفايات المنزلية، بدأ منذ توصل مجلس الدار البيضاء بتقرير اللجنة الإقليمية التابعة لوزارة الداخلية، المكلفة بالإشراف على عمليات تفويت العقارات المملوكة للجماعات السـلالية مـن أجـل إنجاز مشاريع الاستثمار، والذي تبين من خلاله أن العقار الذي كان مستهدفا لإنجاز هذا المشروع، لا يلائم التوجهات والتخصيصات التعميرية للمنطقة التي حددها تصميم التهيئة لجماعة المجاطية أولاد طالب بإقليم مديونة.
وأوضح أن العمل داخل مكتب المجلس ومع مختلف شركائها من وزارة الداخلية ومجلس جهة الدار البيضاء – سطات، من أجل إنهاء المشاكل التي تتخبط فيها العاصمة الاقتصادية منذ ما يزيد عن 36 سنة، وإحداث مطرح جديد ومركز الطمر وتثمين النفايات المنزلية بمواصفات تُستحضر فيها كافة المعايير البيئية المتضمنة في هذا الإطار.
وشدد على أنه المجلس يسارع الخطى في هذا الجانب، لتجنب خطر غرق 4000 طن من الأزبال التي ينتجها البيضاويون يوميا، لافتا إلى أن هذا المشروع ضمن سلم اهتمامات وأولويات جماعة الدار البيضاء، موضحا أنه يعد محوريا في برنامج عملها الممتد ما بين 2023 و2028.
يذكر أن مجلس جهة الدار البيضاء – سطات، صادق خلال دورته العادية لشهر أكتوبر 2023، المنعقدة أمس الإثنين على مشروع اتفاقية إطار للشراكة بين مجلس جهة الدار البيضاء – سطات ووزارة الداخلية وولاية الجهة وعمالة إقليم مديونة، ومجلس جماعة الدار البيضاء من أجل إنجاز وتدبير مركز معالجة وتثمين النفايات المنزلية للدار البيضاء، في إطار برنامج التنمية الجهوية.
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية الخاصة بإنجاز مشروع تدبير مركز طمر وتثمين النفايات المنزليـة للدار البيضاء، تم توقيعها بين كل من المديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية، وولاية جهة الدار البيضاء – سطات، وعمالة إقليم مديونة التي يتواجد بها مطرح النفايات المرتقب، ومجلسي جهة الدار البيضاء-سطات، وجماعة الدار البيضاء صاحبة المشروع، حيث ستساهم جميع الأطراف في تمويله، علما أن هذا المطرح الذي سيقدر عمره الافتراضي بعد إنجازه بـ 18 عاما، ستبلغ كلفته المالية حوالي 3 مليارات و148 مليون درهم.