أمام تنامي التحذيرات الرسمية وغير الرسمية من احتدام “أزمة الماء”، وظهور شبح العطش في عدد من مناطق المملكة وتوالي سنوات الجفاف على البلاد، يلجأ المغرب إلى استعمال تقنية الاستمطار الاصطناعي، والمسماة ببرنامج “الغيث” منذ ثمانينيات القرن الماضي.
واعتمدت المملكة تقنية الاستمطار الصناعي بعد الجفاف الذي ضربها ما بين 1979 و1983، حيث لم يتم العمل بها رسميا إلا سنة 1996 بعدما مرت بعدة مراحل تجريبية. غير أن مجموعة من الخبراء والمتخصصين لا يرونها عملية ناجعة للحد من الجفاف وشح الغيث، بقدر حلول أخرى أكثر قيمة وفعالية، من قبيل تحلية مياه البحر.
♦الاستمطار الصناعي
الاستمطار الصناعي هو تقنية تركز على تلقيح السحب بيوديد الفضة والصوديوم، حيث تتم عبر طريقتين الأولى من خلال بعث قذائف انطلاقا من محطات أرضية، والطريقة الثانية جوية عبر طائرات تخترق السحب وتقوم بتلقيحها بالمواد الكيميائية السالفة الذكر.
♦الاستمطار الصناعي في المغرب
دشن الراحل الملك الحسن الثاني مبادرة أطلق عليها اسم “الغيث” سنة 1984، خاصة بالاستمطار الاصطناعي، وذلك بهدف مواجهة أثار تعاقب سنوات الجفاف الحاد في البلاد الذي سجلته بين 1979 و1983.
وبدأ المغرب العمل بتقنية الاستمطار الصناعي بشكل رسمي سنة 1996، وذلك بعد تطور هذه التقنية على ثلاث مراحل: والمتمثلة في مرحلة التجريب والتنفيذ (1984-1989)، ومرحلة التقييم والتأكيد (1990-1995)، ثم مرحلة التشغيل (منذ 1996).
ويهدف برنامج “الغيث”، إلى زيادة هطول الأمطار والثلوج من خلال تقنيات تلقيح السحب اصطناعيًا في المناطق المناسبة، حيث المغرب كان يعتمد على هذه التقنية قبل ثلاثة عقود تقريبا كلما برز للواجهة شبح الجفاف.
كما أنه تم الاعتماد على الاستمطار الصناعي قبل ثلاث سنوات، حيث أكد نزار بركة وزير التجهيز والماء في مداخلة سابقة له بالبرلمان على أن وزارته قامت بتوسيع برنامج الاستمطار الصناعي “الغيث” ما بين سنتي 2021 و2023 بمبلغ 160 مليون درهم، فيما سيتم رصد 17 مليون درهم لتطوير ودعم البرنامج خلال السنة الجارية.
وتعمل هذه التقنية على زيادة منسوب التساقطات ما بين 14 و17 في المائة، ويتم استخدامها بالمغرب عادة في الفترة الممتدة ما بين شهري نونبر وأبريل بمعدل 22 عملية، وذلك باللجوء إلى تلقيح غيوم السماء بملح كلورور الصوديوم ويوديد الفضة.
♦تقنية غير ناجعة
يرى عبد العالي دقينة، خبير في شؤون الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والتغير المناخي، على أن عملية الاستمطار الصناعي التي يعتمد عليها المغرب كلما واجهه مشكل الجفاف بغير الكافية وأنها تقنية محدودة المفعول.
ويبين الخبير في شؤون الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والتغير المناخي في تصريح لجريدة “شفاف”، على أنه يصعب التحكم في حركة الرياح في السماء بسبب أن لها مسارات فزيائية خاصة، وبالتالي، وفق المتحدث به، فالسموح في هذه الحالة هو القيام بالاستمطار المحلي أو الموضعي، مشددا على أنه هذه التقنية رغم ذلك غير كافية لمواجهة الجفاف في البلاد.
ويوضح المتحدث على أن تقنية الاستمطار الصناعي لها ثمن باهض على البيئة والإنسان والحيوان والتربة وغيرها، ولها تأثيرات سيئة بشكل كبير على المدى القريب والبعيد، عدا عن أنها عملية لا يمكن التحكم بها بشكل دقيق جدا وذات طبيعة معقدة إلى حد ما.
ويضيف دقينة، أن الاعتماد على تقنية الاستمطار الصناعي قد تؤدي إلى تغيير النمط المناخي بشكل سلبي كونها تؤدي إلى تعديل الطقس باستخدام نشاط بشري غير طبيعي، وفي أوقات ليست مطرية بالدرجة الأولى. مردفا على أن هذه العملية تعتبر جد مكلفة ويتم صرف ملايين الدراهم عليها مقابل أمطار ضئيلة.
♦حلول أخرى أنجع
كما رجح الخبير في شؤون الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والتغير المناخي، حلول أخرى بعيدة عن الاستمطار الصناعي مثل تحلية مياه البحر والمياه المالحة وخاصة باستعمال الطاقات المتجددة، إضافة إلى استغلال مياه الأودية وتخزينها أو تحويلها عبر الطرق السيارة للماء وخاصة مياه سبو ولكوس على سبيل المثال، مبرزا على أن هذا الفعل سيكون له وقع إجابي على مختلف المجالات الصناعية والفلاحية في البلاد.
ويبين دقينة، وجود طريق أخرى من أجل توفير حاجيات المغاربة من الماء، والمتمثلة في تخزين مياه الأمطار في المدن والتي يمكن استعمالها لسقي المساحات الخضراء عوض الماء الصالح للشرب.
ويضيف عبد العالي، على أن الأسرة المغربية بإمكانها أن تعمل على تخزين مياه الأمطار التي تجتمع في أسطح العمارات والمنازل، والتي ستعطي كميات كبيرة من هذه المادة الحيوية حيث يمكن استغلالها وفق احتياجاتهم، خصوصا مع الظواهر القصوى التي تسجل حاليا في المغرب وعدد من دول العالم.