بدأ السفير عمر هلال، المبعوث الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، في تصريحاته الأخيرة يعتمد لهجة حازمة وواضحة في طرح موقف المغرب بخصوص قضية الصحراء المغربية.
وأكد هلال أن طرح المغرب بخصوص صحرائه ثابت وقوي ومدعوم بقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الحكم الذاتي حلاً واقعياً وذا مصداقية، يمكنه إنهاء النزاع بشكل دائم.
ودعا هلال الأطراف الأخرى، بما فيها الجزائر، إلى العودة إلى طاولة المفاوضات كوسيلة للتوصل إلى حل نهائي ومستدام في إطار سيادة المغرب.
وشدد سفير المغرب لدى الأمم المتحدة على أن المملكة مستمرة في الدفاع عن سيادتها على الصحراء، مدعومة باعترافات دولية واسعة، خاصة من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، ما يضع مقترح الحكم الذاتي في إطار دولي قوي.
♦مكاسب سياسية وديبلوماسية
أكد الحسين كنون، المحلل السياسي ورئيس المرصد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن التحولات الأخيرة في لهجة السفير عمر هلال، المبعوث الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، تأتي في سياق معطيات سياسية ودبلوماسية تعزز موقف المغرب في قضية الصحراء المغربية، وتدفع نحو معالجة أكثر حزمًا في هذا الملف.
ولفت كنون، في تصريح لجريدة “شفاف”، إلى أن المغرب يواصل حصد مكاسب دولية داعمة لمقترح الحكم الذاتي الذي تراه الأمم المتحدة حلاً جديًا وذي مصداقية، ما يعزز موقعه داخل المنظمات الدولية، ويضع الجزائر في موقع المساءلة حول دورها في النزاع.
وأوضح كنون أن القرار 2756 الصادر عن الأمم المتحدة مؤخرا، يعتبر الحكم الذاتي حلاً أساسياً للنزاع، ويدعو الأطراف، بما في ذلك الجزائر، إلى العودة إلى طاولة المفاوضات لحل النزاع في إطار الحوار والتفاهم.
وأفاد كنون أن دعوة السفير هلال للمبعوث الأممي في الصحراء المغربية إلى اتخاذ مواقف أكثر واقعية وجدية وتنفيذ صلاحياته، وإلزام الجزائر للجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد حل دائم لهذه القضية. تأتي في إطار الزخم الدولي الذي تعرفه القضية الأولى في المغرب.
وأكد المحلل السياسي على أن اللهجة الحازمة التي اعتمدها هلال في تصريحاته الأخيرة تأتي مدعومة بقرارات دولية وإجماع متزايد على دعم المقترح المغربي.
وأشار كنون إلى عدم التزام جبهة البوليساريو باتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع الأمم المتحدة عام 1991، والذي يتم خرقه مرارًا، وفق تقارير بعثة المينورسو من بين الأسباب التي غيرت من لهجة السفير المغربي لدى الأمم المتحدة.
وأبان المتحدث أن المغرب من خلال تصريحات عمر هلال يسعى إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال تأكيد التزامه بقرارات الأمم المتحدة، فيما تُتهم البوليساريو بزعزعة الاستقرار عبر خروقات مستمرة، ما يعكس عدم التزامها بالقواعد الدولية المتفق عليها.
♦التطورات الدولية
وتطرق كنون إلى الدعم الدولي المتزايد لمقترح الحكم الذاتي المغربي، حيث أبرز أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت في طليعة الدول التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء من خلال مرسوم رئاسي مسجل في السجل الفيدرالي.
وأشار إلى أن فرنسا أكدت كذلك موقفها الداعم للحكم الذاتي خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون للمغرب، حيث أكد الأخير في خطابه أمام البرلمان المغربي على أن الحكم الذاتي لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار السيادة المغربية حاضرا ومستقبلا، وهو موقف يعكس دعمًا أوروبيًا مؤثرًا للمغرب في هذا النزاع.
كما أوضح كنون أن المغرب، بفضل دبلوماسيته الفاعلة، نجح في تعزيز مواقفه على الساحة الدولية، حيث سحبت العديد من الدول اعترافها بجبهة البوليساريو، مما يعزز فرص المغرب لإنهاء هذا الملف بشكل نهائي.
وأكد كنون أن لهجة السفير هلال الجديدة تعكس هذه التطورات الواقعية في ملف الصحراء المغربية، ورسالة واضحة إلى المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا، بضرورة التعامل بجدية وحزم مع الملف، وخاصة في توجيه المفاوضات نحو حل نهائي يضع حداً لهذا النزاع الإقليمي.
♦توجيه ديميستورا
وانتقد كنون بعض التحركات التي قام بها ديميستورا، وخاصة زيارته لجنوب أفريقيا، التي تعتبر من الدول المناهضة لمقترح الحكم الذاتي المغربي وليست طرفًا مباشراً في النزاع، مما يعد خروجًا عن الدور المحدد له كمبعوث أممي.
وأشار كنون إلى أن مثل هذه التحركات غير المحسوبة قد تثير التساؤلات حول كفاءة ديميستورا في إدارة الملف، داعيًا إياه إلى الالتزام باختصاصاته وفق توجيهات الأمم المتحدة، التي أصدرت حتى الآن 20 قرارًا، خصوصا الأخيرة منها التي تدعو إلى تبني المبادرة المغربية كمرجعية أساسية في المفاوضات.
وشدد كنون على ضرورة أن يتحمل المبعوث الأممي مسؤولياته في تطبيق قرارات الأمم المتحدة، وأن يمارس الضغط على الجزائر، التي وصفها بأنها طرف أساسي في النزاع، رغم محاولاتها المتكررة للظهور بمظهر “المراقب”.
وأشار كنون إلى أن الجزائر قدمت مؤخرا أمام اللجنة الرابعة الخاصة بإنهاء الاستعمار في الأمم المتحدة، اقتراحات تهدف إلى إخراجها من صفة الطرف في النزاع، إضافة إلى اقتراحها منح بعثة المينورسو صلاحيات لمراقبة حقوق الإنسان، وهي اقتراحات قوبلت بالرفض.
واختتم كنون تصريحه بالإشارة إلى أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، يعمل على تعزيز التنمية والاستقرار في منطقة شمال أفريقيا وأفريقيا بشكل أوسع، عبر مبادرات تنموية استراتيجية مثل مشروع الميناء الأطلسي والاستثمارات الضخمة في القارة الأفريقية، بالإضافة إلى المبادرات الرامية إلى محاربة التطرف والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.
ويرى كنون أن الجزائر تسعى إلى التشويش على هذه المساعي، مما يزيد من عزلتها الدولية ويعزز صورة المغرب كقوة إقليمية تعمل من أجل التنمية والسلام في المنطقة.