سجلت الكتلة النقدية (M3) في المغرب خلال شهر مارس 2025 ارتفاعًا سنويًا بلغ 8%، لتصل إلى 1912,5 مليار درهم، مقابل 6,7% في فبراير، مما يعكس تسارعًا ملحوظًا في وتيرة السيولة داخل الاقتصاد الوطني.
ويعزى هذا التطور، بحسب معطيات بنك المغرب، إلى نمو عدة مكونات رئيسية أبرزها الزيادة في صافي الديون على الإدارة المركزية (من 7% إلى 7,5%)، وتوسع الأصول الاحتياطية الرسمية (من 2,3% إلى 2,5%)، وتنامي القروض البنكية للقطاع غير المالي (من 3,5% إلى 3,9%).
نمو القروض البنكية رغم التفاوتات القطاعية
أظهر التمويل الموجه للقطاع غير المالي دينامية إيجابية، خاصة القروض الموجهة للشركات غير المالية الخاصة التي ارتفعت بنسبة 2,1% بعد 1,7%، بينما استقرت نسب النمو لدى القروض الموجهة للأسر عند 2,3% وللشركات العمومية غير المالية عند 11,9%.
أما من حيث الأهداف الاقتصادية، فقد سجلت قروض التجهيز زيادة بـ9,8%، وقروض الخزينة بـ3,8%، في حين استقرت نسب قروض العقار عند 2,7% والاستهلاك عند 1,9%.
في المقابل، واصلت القروض المتعثرة مسار التراجع في وتيرة نموها، منتقلة من 3,2% في فبراير إلى 2,3% في مارس، مع تسجيل انخفاض في معدلها من إجمالي القروض من 8,7% إلى 8,4%.
الودائع والسيولة.. تحولات ملحوظة في سلوك الفاعلين الاقتصاديين
شهدت الودائع تحت الطلب لدى البنوك نمواً بنسبة 11,4%، في حين ارتفعت العملة الورقية بنسبة 9,3%.
كما عرف الإقبال على صناديق الاستثمار النقدية (OPCVM monétaires) قفزة بنسبة 17,9% بعد أن كانت 8,7% فقط في فبراير، ما يشير إلى تفضيل متزايد للاستثمار في الأصول المالية ذات العائد.
بالمقابل، تراجعت الحسابات لأجل بنسبة 0,7%، بعدما كانت قد سجلت ارتفاعاً بـ1,4% خلال الشهر السابق، ما يعكس تحولا في تفضيلات السيولة لدى الأسر والمقاولات.
الفوارق القطاعية في الادخار والاستثمار
على المستوى القطاعي، استقرت أصول الأسر النقدية عند نمو 5,9%، بفعل استقرار نمو حسابات الادخار وتراجع ودائعهم لأجل. أما بالنسبة للمقاولات الخاصة، فقد سجلت ارتفاعًا هامًا في أصولها النقدية بنسبة 18,7% مدفوعة بارتفاع الودائع تحت الطلب وحيازتها لأوراق صناديق الاستثمار النقدية.
وفي تفاصيل القروض حسب القطاع، بلغ مجموع القروض للقطاع غير المالي 962,2 مليار درهم، موزعة بين القطاع الخاص بـ849,7 مليار درهم (منها 450,1 مليار موجهة للشركات الخاصة و384,7 مليار للأسر)، والقطاع العام خارج الإدارة المركزية بـ112,5 مليار درهم، منها 86,5 مليار موجهة للشركات العمومية و26 مليار للجماعات المحلية.
دلالات ومؤشرات على استقرار نسبي مع استمرار الحذر
تعكس المعطيات النقدية لشهر مارس 2025 تحسنا عاماً في وتيرة النشاط النقدي والتمويلي، خصوصاً في ظل تزايد الثقة في صناديق الاستثمار النقدية ونمو ملحوظ لقروض التجهيز. إلا أن استمرار التراجع في الحسابات لأجل وتواضع نمو القروض الاستهلاكية يوحيان بوجود حذر لدى الفاعلين الأفراد في مواجهة سياق اقتصادي لا يزال يتسم ببعض الضبابية.
وفي المقابل، فإن استمرار تراجع القروض المتعثرة ومعدلها مقارنة بإجمالي القروض يشكل إشارة إيجابية على تحسن جودة المحفظة البنكية ونجاعة آليات التتبع والتحصيل لدى المؤسسات المالية.
وخلص التقرير على أن مجمل المؤشرات تبرز أن السياسة النقدية تواصل الحفاظ على توازن نسبي، مدعومة بمؤشرات تطور المعروض النقدي وتحسن دينامية الإقراض، في انتظار انعكاسات محتملة على الاستهلاك والاستثمار خلال الفصول المقبلة.

