فرضت جائحة كوفيد 19، على المجتمع المغربي تحولا كبيرا في نمط حياته اليومية، وضيقت مجال حركته اقتصاديا ومجتمعيا.
وزلزلت جائحة كوفيد 19 أركان الاقتصاد العالمي ومعها المغربي، التي فرضت عليه حالة من التعطيل للحركية الاقتصادية والتجارية، الأمر الذي تسبب في مقتل النمو الاقتصادي وتزايد المضاربات التجارية والبورصوية.
كما أن جائحة كورونا أربكت التقديرات السياسية لصانعي القرار ومدبري الشأن العام في البلاد ووضعتهم أمام تناقضات صارخة بين مطلب تأمين اقتصاديات البلاد وحركتها الإنتاجية، وبين مطلب المحافظة على صحة وسلامة المواطنين.
وعرت هذه الجائحة هشاشة البنيات الصحية والاقتصادية في المغرب، كما أنها كشفت عن هشاشة أنظمة الحماية الاجتماعية والتفاوتات الاجتماعية فئويا ومجاليا في الولوج لخدماتها، وكذلك الشأن بالنسبة لخدمات التعليم.
ودفعت هذه الجائحة، فئات عريضة إلى حافة الفقر والبطالة، وبهذا فتداعيتها تتمثل في تهديد السلم والأمن الاجتماعي، مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من مخاطر سياسية وتهديدات للاستقرار السياسي والاجتماعي.
وعلاقة بالموضوع أعلاه، قال عمر الكتاني، خبير اقتصادي، أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمغاربة أثناء وبعد جائحة كورونا سيئ جدا، وسببه المباشرة هي سياسة الحكومة الحالية، وامتيازاتها التي تستنزف جيوب المواطنين.
وأبان الكتاني، أن البرنامج الذي قدمته الحكومة في مجمله نموذجي، بغض النظر عن بعض القطعيات المتواجدة فيه، مثل تخصيص مليار درهم لإدخال الأمازيغية للإظهار، على اعتبار أن العملية مستعجلة وتعاني الإدارة من عدم استعمال اللغة الأمازيغية في هذه الظرفية الصعبة.
وتساءل الكتاني، كيف للحكومة أن تسمح لنفسها، وتبذر 100 مليار سنتيم في مشروع إدخال الأمازيغية إلى الإدارات، والظرفية الحالية للمغاربة مزرية ويحتاجون إلى فرص شغل وزيادات في الأجور كي يتماشوا مع الوضع الراهن.
وقال الكتاني، إن مثل تلك المشاريع، المغرب ليس في حاجتها حاليا، كون المواطن سواء الأمازيغي أو العربي أو مختلطي العرق، هم في حاجة إلى عمل قار يضمن لهم لقمة عيش وحياة كريمة.
وأوضح الكتاني، أن البرنامج الذي قدمته الحكومة، لم تكشف للمواطن سياسته، كون هذه الأخيرة تعتمد على التقشف لحل مشاكلها، كما أنها لم تخبرهم عن مبلغ الاقتطاعات، بالإضافة أنها لم تكشف عن كم التقشف الذي ستعتمده في ميزانية التسيير الخاص بها،
وتساءل الكتاني، “هل سياسة التقشف التي تعتمدها الدولة، ستأخذ من أجور الموظفين السامين والبرلمانيين والوزراء وغيرهم ممن يمتلكون أجورا عالية وامتيازات خاصة، أم من جيوب المواطنين، كما أن عليها أن تبين كم ستتقشف في الامتيازات التي تعطيها للموظفين الكبار من تقاعدهم وامتيازاتهم.
ويتابع الخبير الاقتصادي “بما أن الحكومة تقول إنها ستقوم بمشاريع تنموية واقتصادية، فإن الدول لم تقل أنها ستزيد في الضرائب، وستضغط على بعض القطاعات التي لم تكن تخضع لقانون الضريبة، مثل قطاع الرقمة، الذي تحاول حاليا إنزال ضرائب ضخمة عليه، خصوصا وأن أغلب المشتغلين في هذا المجال ينتمون إلى القطاع غير المهيكل.
وأضاف المصدر ذاته ، ما معنى أن تعالج الدولة كل مشاكلها بالضرائب، وفي هذه الحالة تكلف كثيرا المواطن.
وطالب الكتاني من الحكومة أن تترك القطاع الخاص يشتغل ويوظف العاطلين عن العمل، وأن تبتعد عن الحلول الترقيعية لحل أزماتها.
وفي السياق ذاته، كشف الكتاني، أن الظرفية الحالية تظهر أن الشعب هو من يشتغل كي تعيش الدولة وتستمر في رفاهيتها، التي اكتسبتها منذ الستينات.
وأورد الكتاني، إلى أن المسار الذي تتبعه الحكومة في تسيير الشأن العام أفاقه مغلقة، ولا يوجد شعور حقيقي يقول أن الدولة تشتغل من أجل مواطنيها. وفي الإطار ذاته، تسال المتحدث عينه، متى ستتخلى الدولة عن رفاهيتها؟.
وأكد الكتاني، أن أكبر المشاكل التي يواجهها المغرب هو كلفة وريع الدولة بمختلف أشكاله، الذي لم يتغير نمط سلوكه لستة عقود، ويظهر هذا جليا في المشاريع العمومية، إذ أن هذه الأخيرة لاتريد أن تتنازل عن مكتسباتها، وتتبجح على المواطن بصوت عال أنها هي من تمده بالامتيازات رغم أن الواقع يؤكد العكس، وأن المواطنين هم من تفرغ جيوبهم من أجل إعالة الدولة.
وفي الإطار ذاته، أبان الكتاني، أن الطريقة التي يتم بها إنشاء المشاريع والاستثمارات في البلاد ستغرق المغرب في مشكال كبرى مستقبلا، وسيكون وضعه مثل وضع تركيا، رغم أنها دولة غنية ولها إمكانيات أكبر بكثير من المغرب.
وكشف الكتاني، أن الطريقة التي اتخذها الأتراك بخصوص إنشاء مشاريع استثمارية، أدخلت هذه الأخيرة في مشكل المديونية، أي أن تركيا قامت مشارعها على الاقتراض بالدولار والأورو، وعندما ضعف أداء هذه القروض قابلها هبوط في قيمة عملة العثمانيين في سوق البورصة، لأن كل الاستثمارات التي تم إنشائها كانت بالعملة الصعبة.
وأبرز الكتاني، أن المغرب يسير في نفس الطريق التي اتخذتها تركيا، ويعتبر هذا الاتجاه خطير جدا، بسبب أن المديونية ستعمل على إضعاف الدرهم مستقبلا، خصوصا عندما تقع المملكة في فخ ضعف سداد القروض المترتبة عليها، الامر الذي ينتج عنه بيع رأس مال الشركات والاستثمارات، ويصبح المغرب ملزما بتقديم امتيازات للشركات الأجنبية، خصوصا التي تنقب عن الغاز والبترول، إذ تستفيد من 60 في المئة من الامتياز في حين أن الدولة التي يتواجد على أرضها المشروع تأخذ فقط 40 في المئة، وهذا يعني أن البلاد ليس لها رأس المال للاستثمار في التنقيب.
وتأسف الكتاني، كون الحكومة تتبجح بأنها ستكتشف البترول والغازل، وهي في الأصل لا تتوفر على رأس مال التنقيب على هذه المواد.
وفي الأخير، قال الكتاني، أن الدولة تحيك مصائبا ضد المواطن، وهذا الأخير لا يعي بما يدور حوله من كوارث، ولن يعرف ضالته فيها إلا مستقبلا.