أكدت فرق الأغلبية بمجلس النواب ارتكاز مشروع قانون المالية لسنة 2023 على فرضيات واقعية تعكس طموح الحكومة لترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية، فيما انتقدت المعارضة “هشاشة” مؤشراته، معتبرة أنه يفتقد “للجرأة والإبداع”. وطبع تباين القراءات ووجهات النظر بشأن العديد من التدابير والإجراءات المتضمنة في مشروع قانون المالية، مداخلات النواب خلال جلسة المناقشة العامة للمشروع بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية والتي انعقدت اليوم الخميس بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.
وفي هذا الصدد، أشاد فريق التجمع الوطني للأحرار بالإشارات القوية التي تحملها مضامين مشروع قانون المالية لاسيما فيما يتعلق بتعزيز دعائم الدولة الاجتماعية، وذلك من خلال تخصيص اعتمادات غير مسبوقة لتغطية تكاليف انخراط الفئات الهشة والفقيرة في التغطية الصحية الإجبارية، ودعم المواد الاستهلاكية الأساسية.
ونوه الفريق النيابي بسعي الحكومة إلى تحفيز الاستثمار الوطني والأجنبي والرفع من مردوديته ونجاعته عبر الرفع من حصة مخصصات الاستثمار العمومي في ميزانية الدولة، وتحسين مناخ الأعمال من خلال إصلاح منظومة الصفقات، وتحسين الولوج للعقار، وتفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري، وتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، لاسيما فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية.
في المقابل، دعا الفريق الحكومة إلى إبداء مزيد من الشفافية فيما يتعلق بالسياسة النقدية للدولة، لاسيما فيما يتعلق برفع سعر الفائدة، داعيا إلى تحقيق الالتقائية بين السياسة النقدية والسياسات العمومية.
من جانبه، أكد فريق الأصالة والمعاصرة أن مشروع قانون المالية يجسد تصورات الحزب للإصلاح من خلال أولوياته وأهدافه ووسائل العمل المبتكرة التي جا بها، معتبرا أنه تمت صياغة مشروع القانون بناء على فرضيات واقعية طموحة من شأنها إرساء مقومات الدولة الاجتماعية عبر ورش تعميم التغطية الاجتماعية والحد من الفوارق المجالية وتقليص دائرة الفقر والهشاشة إيجاد حلول بنيوية لمواجهة تداعيات الجفاف وندرة الموارد المائية.
وسجل أن هذه الفرضيات، وبالرغم من طموحها، إلا أنها تظل حذرة من حيث استقراء الأرقام والتوقعات المتعلقة بالسنة الفلاحية وسعر صرف الدولار وغيرها من المعطيات الرقمية التي شكلت جوهر الفرضيات التي بني عليها مشروع قانون المالية.
وشدد الفريق النيابي على أن توجهات مشروع قانون المالية تتطلب الرهان على حلول غير تقليدية، وهو ما تجسده الإجراءات الضريبية الجديدة والنظام الجبائي المحفز التي يتضمنها المشروع، داعيا إلى انخراط كافة الفاعلين في إنجاح الطموح الذي يعبر عنه مشروع القانون.
وطالب أيضا بإيلاء العناية اللازمة لقطاعات مهمة أخرى من خلال تجويد السياسات الموجهة للشباب والنساء وصون مقومات الثقافة والهوية الوطنية المتعددة وتعزيز الحضور الدبلوماسي للمملكة في ظل الرهانات المتجددة التي تواجهها.
من جهته، شدد الفريق الاشتراكي (معارضة) على أن “تدبير الشأن العام لا يتم فقط من خلال القوانين، بل يحتاج إلى الجرأة والإجراءات الملموسة التي تمس المواطن بشكل مباشر”، داعيا إلى إعطاء دينامية جديدة ونوعية للفعل التنموي الشامل والمستدام.
وبعدما نوه بتوجه الحكومة نحو تعميم الحماية الاجتماعية وبناء مجتمع الكرامة والعدالة والتنمية الشاملة، دعا الفريق الاشتراكي الحكومة إلى تبني الحماية الاجتماعية بمفهومها الأوسع الذي يشمل التعليم والصحة والسكن والشغل، مؤكدا على ضرورة “القطع مع الدعم الموسمي الذي لا يحسن الوضع الاجتماعي”، والتوجه نحو إرساء منظومة اجتماعية شاملة.
من جانبه، قلل الفريق الحركي من شأن الأرقام المتعلقة بزيادة الدخل السنوي، كما انتقد التدابير الجبائية التي يتضمنها مشروع قانون المالية، لاسيما تلك المتعلقة بالمهن الحرة، معتبرا أن المواطن هو من سيتحمل في نهاية المطاف عبء هذه الزيادات الضريبية.
من جهة أخرى، انتقد الفريق النيابي ما وصفه ب”الغياب التام لهاجس الجهوية في سياسات الحكومة، بعد سنة من تدبير الأغلبية للشأنين الحكومي والجهوي”.