أبرز محمد الغلوسي، المحامي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، وجود ازدواجية في مسألة تطبيق القانون بين الموظف العمومي والمسؤول السياسي، مشيرا إلى أن الموظف الذي تجرى ضده متابعة جنائية يتم توقيفه عن العمل فورا من طرف سلطة التأديب، وغالبا ما يكون هذا التوقيف مصحوبا بتوقيف الأجر باستثناء التعويضات العائلية.
وقال الغلوسي في تدوينة له على حسابه بـ “فيسبوك”، إن “الموظف يبقى طيلة مراحل المسطرة القضائية التي قد تستغرق سنوات (ابتدائيا واستئنافيا والنقض)، إذا ارتكب فعلا معاقب عليه بمقتضى القانون الجنائي معرضا لكل الآفات، ويصبح معطلا ومشردا وهناك موظفون يعيشون ظروفا نفسية واجتماعية قاسية بمجرد تحريك المتابعة القضائية ضدهم ومنهم من باع المنزل الذي يقطنه مع أولاده”.
وأشار المحامي إلى أن الفصل 73 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية ينص على ما يلي: “إذا ارتكب أحد الموظفين هفوة خطيرة سواء كان الأمر يتعلق بإخلال في التزاماته المهنية أو بجنحة ماسة بالحق العام فإنه يوقف حالا من طرف السلطة التي لها حق التأديب …”.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن نفس الفصل (وهو فصل طويل) في فقرته الأخيرة ما يلي: “على أن الموظف إذا أجريت عليه متابعات جنائية فإن حالته لا تسوى نهائيا إلا بعد أن يصير الحكم الصادر عليه من المحكمة التي رفعت لها القضية نهائيا …”.
واستطرد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، قائلا: “لكن عندما تتم متابعة برلمانيا أو مستشارا بإحدى الجماعات الترابية، من أجل تهم جنائية خطيرة تتعلق باختلاس أموال عمومية والرشوة والتزوير، وغيرها من التهم المشينة وقد تصدر أحكام قضائية ضدهم”.
وأضاف الغلوسي أن “الأصوات تتعالى بضرورة احترام الأصل في المتهم وقرينة البراءة، وأنه لا يمكن منع البرلماني مثلا من ولوج المؤسسة التشريعية ما دام ان الحكم غير نهائي، ويستمر في تقاضي تعويضاته والاستفادة من كل الامتيازات بما في ذلك تمثيل بلدنا خارجيا، والحضور لقمم دولية وإلقاء الخطب حول الحكامة والنزاهة والديمقراطية، بل إن منهم من يحضر كملاحظ ومراقب لسلامة الانتخابات في إحدى الدول الإفريقية”.
وأوضح المصدر ذاته، أن ما يقع “مفارقة عجيبة وتمييز واضح بين المواطنين في تطبيق القانون، لذلك يتم تشريد موظف بسيط بنص قانوني لمجرد متابعته قضائيا ولو بجنحة لها صلة بالحق العام، بينما يستمر لصوص وناهبي المال العام في التمتع بنعم الحياة ويلجون للمؤسسات التمثيلية من بابها الواسع دون أي حرج وأمام الكاميرات”.
وأشار الغلوسي على ضرورة إلى أن “البرلمان يحتضن لصوص المال العام والمرتشين والمتملصين، من أداء الضرائب من سابع المستحيلات أن يفكروا في وضع نصوص قانونية تمنع المتابعين قضائيا من أجل جرائم مخلة بالثقة والشرف من الولوج للقبة الموقرة مع حرمانهم من كل التعويضات والامتيازات التي يتمتعون بها”.
وتابع القول إن “وضعا كهذا يسائل خطاب وشعارات الأحزاب السياسية التي ينتمي إليها هؤلاء المتابعين والمدانين قضائيا وشعبيا، خطاب سياسي يرتكز على التخليق والنزاهة والمصداقية”.
وساءل الغلوسي الأحزاب السياسية، قائلا: “فهل تكون لها الجرأة لمنع هؤلاء المتورطين في اختلاس وتبديد المال العام والرشوة من ولوج افتتاح البرلمان اليوم الجمعة أم أنها ستستمر في إضفاء الغموض والضبابية على الممارسة السياسية وتغليب المصالح الذاتية على المصالح العليا للوطن والاستمرار في تزكية الفساد والريع؟