اعتبر الكثير من الخبراء والمحللين قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بتمديد مهمة “المينورسو” في الصحراء المغربية لمدة عام آخر، بأغلبية 13 صوتا مؤيدا وامتناع روسيا وكينيا عن التصويت، مع دعوته الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات التي عقدت آخر مرة في عام 2019، لإيجاد حل سياسي وعادل ودائم ومقبول من الطرفين على أساس التوافق، انتصارا دبلوماسيا بارزا للمغرب.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، اعتبر خالد الشرقاوي السموني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ومدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، قرار مجلس الأمن جاء في صالح لمغرب، بحيث أنه لا يذكر الاستفتاء لتقرير المصير، كما من يدعو كل من الجزائر وموريتانيا كطرفين رئيسيين بشكل عاجل على المشاركة في العملية في إطار الموائد المستديرة، وهو أمر أكثر انسجاما أيضا مع موقف المملكة، وبذلك تنتظر الأمم المتحدة من الجزائر توضيح موقفها الرسمي من النزاع باعتبارها طرفا أساسيا في القضية.
وشدد السموني على أن قرار مجلس الأمن يكرس بشكل لا رجعة فيه لتفوق ومصداقية وجدية المخطط المغربي للحكم الذاتي، مما يفيد إعادة التأكيد على الدعم الهائل من المجتمع الدولي للحل السياسي المتضمن في المبادرة المغربية للحكم الذاتي، مشيرا إلى أن هذه المبادرة الذي تقدمت بها المملكة سنة 2007 كحل سياسي للنزاع الدائر حول الصحراء المغربية تجد لها أصداء إيجابية لدى المجتمع الدولي، الذي يرى فيها الحل الأنسب والأمثل الذي من شأنه أن يغلق الباب أمام الدعوات الانفصالية للبوليساريو ومن يقف وراءهم.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن هذه المبادرة المغربية للحكم الذاتي جاءت كحل سياسي لتكريس حقيقة استحالة تطبيق مبدأ تقرير المصير بالشكل الذي ترغب فيه كل من الجزائر وجبهة البوليساريو، تلك المبادرة التي أيدها أعضاء مجلس الأمن الدولي عندما أكدوا على دعمهم الكامل للمسلسل السياسي الذي يجري تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة منذ سنة 2007.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن مجلس الأمن باعتباره الهيئة التنفيذية العليا للأمم المتحدة، أكد ضمنيا في قراره 2654، على أسبقية مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، والدعوة للمشاركة في إطار الموائد المستديرة المحدثة بمقتضى قراري مجلس الأمن رقم 2414 و2440، التي يشارك فيها المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو، كآلية مثلى في اتجاه حل سياسي واقعي وعملي وتوافقي، موضحا أن هذا القرار يعد مرجعا وخارطة طريق لحل النزاع حول الصحراء المغربية.
وأبرز مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن المجتمع الدولي ختار طريق الشرعية من خلال اختيار لا رجعة فيه لحل سياسي وواقعي وعملي ودائم، تجسده مبادرة الحكم الذاتي، وصار النقاش حول ملف الصحراء المغربية داخل المجلس يتجه إلى اعتماد خارطة الطريق التي رسمتها هذه المبادرة لحل النزاع الذي طال لفترة طويلة، ما جعل مستقبل وتطلعات شعوب اتحاد المغرب الكبير رهينة بهذا النزاع بالدرجة الأولى، في وقت تحتاج فيه هذه الشعوب إلى الوحدة والتضامن أكثر من أي وقت مضى، مع تصاعد التكتلات الإقليمية ما بين الدول.
وأشار السموني إلى أنه رغم جدية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب وتم تثمينها من قبل المجتمع الدولي، فإنها مازالت تواجه عقبة الموقف الجزائري الذي يحاول مع الأسف عرقلة المفاوضات في إطار الموائد المستديرة بعدم المشاركة، مشيرا إلى أن المغرب رغم كل ذلك، يمضي قدما في تثبيت قضيته الوطنية العادلة أمام المجتمع الدولي، والتمسك بالحفاظ على وحدته الترابية، وشرعية تواجده في أقاليمه الجنوبية، وتعزيز مكانة هذه الأقاليم وتنميتها في ظل مشروع تنموي سيتم تعزيزه بالجهوية الموسعة.