مع افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشر، اليوم الجمعة، برزت تساؤلات عديدة حول ما حققته حكومة عزيز أخنوش خلال أولى سنواتها الخمس في تدبير الشأن العام الوطني، وكذلك مدى قدرتها على تحقيق انتظارات المغاربة منها، وكذا الأولويات التي يجب خلال المرحلة المقبلة التركيز عليها.
وفي هذا الصدد، أبرز أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، في تصريح لجريدة “شفاف” أن حكومة أخنوش تتوفر على العديد من الامتيازات التي افتقدت إليها جل الحكومات السابقة، لعل أولها الأغلبية العددية المريحة داخل مجلسي البرلمان، وامتداد هذه الأغلبية لتشمل مجالس الجماعات الترابية بمكوناتها الثلاث، الجماعات والعمالات والأقاليم والجهات ثم الغرف المهنية.
وأضاف السعيد أن الحكومة الحالية وجدت أرضية سياسية متوافق حولها، مطبوعة بانخراط القوى الديمقراطية وباقي الأطراف المجتمعية في تفعيل ورش الدولة الاجتماعية كخيار استراتيجي للمؤسسة الملكية، كما استفادت من الزمن السياسي الذي اشتغلت به الحكومتين السابقتين المتعلق بإخراج جل القوانين التنظيمية والأساسية ذات الصلة بدستور 2011.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن كل المؤشرات التي تكرست منذ سنة من تنصيب حكومة أخنوش، تجعل الحكومة الحالية تشتغل على هامش المشهد المجتمعي، وشعاراتها الانتخابية تبخرت منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة، حيث عجزت عن بلورت ورش الدولة الاجتماعية على مستوى الواقع.
وتابع القول إن جهود الحكومة تركزت على إخراج المنظومة القانونية المتعلقة بورش الدولة الاجتماعية، كما عملت على إحياء الحوار الاجتماعي الذي تبلور فيما أضحى يعرف باتفاق 30 أبريل 2022، وتنزيله مخرجاته على أرض الواقع.
وأوضح السعيد أن واقع مرافق الصحة والتعليم والعدل وباقي الإرادات العمومية، لا يختلف تدبيره عن مقاربات الحكومات السابقة، وهو ما يعني أن التدبير الحكومي الحالي مزال يراوح مكانه للوصل إلى النموذج التنموي المنشود من قبل المؤسسة الملكية.
وبخصوص الأولويات التي يجب خلال المرحلة المقبلة التركيز عليها، يرى أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أنه يجب على الحكومة صياغة وإنتاج سياسات عمومية اجتماعية قادرة على مواجهة الأزمة التي يبدو أنها قابلة للاستمرار مستقبلا.
واعتبر أيضا أن الحكومة الحالية تواجه أربعة تحديات كبرى ومهيكلة في ظل التحولات الدولية المطبوعة باستمراره الأزمة العالمية؛ أولاها كون المبادرات الاجتماعية التي قامت بها يظل تأثيرها جد محدود في سياق متسم بالارتفاع الحارق والمهول للأسعار؛ وثانيها يتعلق بشبهة تضارب المصالح الملتصقة برئيس الحكومة وعدم قدرته على قطع الشك باليقين بين رئيس الحكومة السياسي ورجل الأعمال.
وتابع القول إن ثالثها يتجلى في صعوبة إرجاع الثقة للمغاربة وخاصة الشباب في المؤسسات التمثيلية، أما التحدي الرابع فيتمثل في عدم قدرة حكومة عزيز أخنوش على إحداث تحول نفسي في المعيش اليومي للمواطن الذي لا يشعر بأن حكومة عزيز أخنوش تمكنت من أن تنسيه هموم التدبير الحكومي السابق، مؤكدا على أن المبادرات الاجتماعية للحكومة حتى الآن لا يمكن تبخيسها، بالرغم من أثرها المحدود على مستوى المعيش اليومي للمواطن الفقير، خاصة وأن القضايا الكبرى ما زلت في حاجة إلى تصور سياسي حكومي قوي وجريء.
ودعا السعيد الحكومة إلى ضرورة التفعيل الحقيقي لورش الحماية الاجتماعية وإصلاح التعليم، والتخفيف من حدة البطالة عبر سياسات عمومية موجهة للشباب من أجل خلق فرص للتشغيل والقضاء على اقتصاد الريع، وإعادة النظر في التشتت غير المبرر في الأنظمة الأساسية الخاصة بالوزارات والمؤسسات الدستورية والمؤسسات العمومية والإدارات، بالإضافة إلى الرفع من كتلة الأجور وعقلنة التعويضات المالية الضخمة وفق مبدأ العدالة الاجتماعية.