سجلت عديد البلدان بمختلف قارات العالم في الفترة الأخيرة إصابات لدى مواطنيها بالمتحور الفرعي “BQ.1.1“، والذي يعرف انتشارا متزايدا منذ بروزه، إذ أظهرت الدراسة المنشورة في دورية “ذا لانسيت إنفكشن ديزيز” المختصة في المجال الطبي، أنه أكثر متغيرات فيروس “كوفيد-19” مقاومة لجميع علاجات الأجسام المضادة المعروفة.
ومن أجل التعرف على هذا المتغير أو المتحور الفرعي الجديد، الذي يدخل ضمن السلالات الفرعية لـ “أوميكرون”، ومعرفة سرعة انتشاره وخطورته على الأشخاص وأساليب الوقاية والعلاج منه وما يرتبط بذلك، حاورت جريدة “شفاف”، الدكتور الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية.
ما هو المتغير أو المتحور الفرعي “BQ1.1“؟
يعتبر “أوميكرون” الأصل لمجموعة من المتغيرات الفيروسية المتفرعة عنه، ومن بينها المتحور الفرعي “BA5” السائد في العالم حاليا والأكثر انتشارا في المغرب الآن، والذي تلاه بروز “BQ1“، والذي نتج عنه بدوره المتحور الجديد “BQ1.1“، وهذه التفرعات جميعها عبارة عن سلالة واحدة.
بالنسبة لاكتشافه فإنه تم في أكتوبر الماضي، واليوم سجلت إصابات به في عدد من الدول الأوروبية، وأمريكا الشمالية كالولايات المتحدة الأمريكية، وآسيا كأستراليا، وإفريقيا وأساسا في نيجيريا.
المتحور الفرعي “BQ1.1” هل هو أكثر سرعة من غيره في الانتشار؟
حاليا لا توجد أي دراسات منشورة بخصوص هذا المتحور الفرعي، لكن تجدر الإشارة إلى وجود دراسات قيد المراجعة والتي قد تعمم في القريب ويتم نشرها، والتي تبرز أنه أكثر سرعة من غيره في الانتشار، حيث أن هناك ملاحظات الايدبميولوجية في عدد من الدول أظهرت أن أعداد الإصابات المسجلة بهذا المتغير تتضاعف مع مرور الوقت.
وبالإضافة إلى ذلك فإن “BQ1.1” يحمل طفرات في أماكن حساسة على مستوى “البروتين إس”، والتي لها علاقة بالانتشار السريع لفيروس “كوفيد-19”.
والخبراء يتوقعون أن يكون هذا المتحور الفرعي أكثر سرعة من سابقيه، حيث أن بعض الدراسات الأولية أبرزت أن قدرته على الانتشار تزيد بـ 29 % مقارنة بمتحور “أوميكرون” الأصلي.
ماذا عن خطورته؟
ليس هناك معطيات متعلقة بالدراسات أو ملاحظات الدول التي سجلت إصابات بهذا المتحور الجديد، تشير إلى أنه أكثر خطورة مما سبقه من المتحورات.
هل اختبارات “PCR” المستخدمة للكشف عن “كوفيد-19” صالحة لـ “BQ1.1“؟
الخبراء في مجال التحاليل الطبية يؤكدون على أن الاختبارات المعروفة لا تزال صالحة للكشف عن متحور “BQ1.1“، إذ يتم عند إجراء الاختبار الكشف عن إصابة الشخص بالفيروس أولا، قبل أن يتم تحديد نوع المتحور، من خلال دراسة التسلسل الجينومي الخاص به.
الأدوية واللقاحات المتوفرة اليوم، هل لها فعالية ضد هذا المتحور؟
وفق المؤشرات الأولية للدراسات التي لم تنشر بعد، يبرز أن “BQ1.1” له خاصية الهروب المناعي بشكل كبير، بمعنى أن الأدوية التي تعتمد في تكوينها على مضادات الأجسام المصنعة، والتي تعطى كعلاجات عن طريق الحقن غالبا ويكون ثمنها مرتفعا، وتعطى لمن يعاني من هشاشة مناعتية، لم تنفع مع هذا المتحور الفرعي الجديد.
وهو ما دفع بعديد البلدان الرائدة على المستوى الصحي باللجوء للأدوية العادية المحتوية على المضادات الفيروسية، لعلاج أصحاب الأمراض المزمنة والفئات التي تعاني من هشاشة صحية وضعف مناعتي.
ماذا عن المناعة المكتسبة ذاتيا؟
أبرزت الملاحظات الايدبميولوجية أن عددا من الأشخاص الذين أصيبوا بالمتحور “BA5“، تمت إصابتهم مجددا وهو ما يؤكد وجود هروب مناعي، إضافة لأن مضادات الأجسام التي تم اكتسابها من اللقاحات التي جرى تلقيها لم تعد لها فعالية كبيرة ضد هذا المتحور الفرعي.
ويذكر أنه منذ انتشار متحور “أوميكرون” أصبح الدور الأساسي للتلقيح هو تفادي انتقال الإصابة والعدوى بين الناس، والحفاظ على الأرواح وعدم تسجيل الحالات الخطرة، ودخول أقسام الإنعاش بالمستشفيات.
ما الذي على المواطنين اتخاذه للوقاية من الإصابة بـ “BQ1.1“؟
بالنسبة للأشخاص الملقحين سواءً باللقاحات الأولية أو الحديثة، فهم سيبقون محميين ضد هذه المتحور الجديد وسابقيه من الوقوع في الحالات الخطيرة والوفيات، إذ يمكن إصابتهم بـ “BQ1.1“، لكن تأثيره عليهم سيكون أقل مقارنة بغير المتلقين لأي لقاح.
وتجدر الإشارة إلى أن كل ما تحدثت عنه يدخل ضمن المعطيات الأولية التي تحتاج لتفاصيل إضافية، وعموما نحن أمام متحور جديد يجب التعامل معها بحيطة وحذر، خصوصا مع الفئة التي تعاني من هشاشة في المناعة، والأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم وكبار السن الذين تفوق أعمارهم 65 سنة، والذين يجب أن يكونوا تلقوا جميع جرعات التلقيح الموصى بها من طرف وزارة الصحة.
ويلزم على الفئة التي تعاني من هشاشة في المناعة عند ظهور أعراض الإصابة بهذا المتغير الفيروسي أن تقوم بالفحوصات اللازمة، وفي حالة تأكد الإصابة يجب تلقي العلاجات المعروفة التي تساعد في عدم الوصول للحالات الخطيرة.
أما بالنسبة لباقي أفراد المجتمع، فإن تلقيهم للقاح سابقا أو إصابتهم في المرحلة الماضية بالفيروس، لن يحميهم من الإصابة بالمتحور الجديد، لكن ذلك سيوفر لهم حماية بشكل عالي من الإصابات الخطيرة التي قد يخلفها فيروس “كورونا” ومتحوراته.