تشهد منطقة المحبس استهدافا بين الفينة والأخرى من لدن خلية إرهابية عنوانها جبهة البوليساريو التي تتوطن في التراب الجزائري بتندوف الجزائرية التي تحتضن مخيمات للأسر القسري لأطفال ونساء ورجال وكهول، فمن يحتجز هذه الفئة الإنسانية غير المحصية عدديا، هل المحتضن أم الحاضن، حاضن له كيان دولة ويسارع الزمن ومنذ مساهمته المباشرة في احتضان جبهة لا تحمل المقومات الأساسية واعتبارًا لأبجديات القانون الدولي الذي يقرن وجود مؤسسة الدولة بالسيادة والاعتراف الدوليين؟
وكلما سمعت باستهداف منطقة المحبس وإلا طرح ذهني علامات استهداف، هل بإمكان دولة لها سيادة على ترابها وتسمح بقصف جار من أراضيها وتمني النفس بل وتسوق له بين من يوالي ترهاتها بأن من قصف هي البوليساريو، وهذه الاخيرة التي أعلنت مسؤوليتها وكعادتها عن استهداف المحبس، فهل فقدت الحاضنة السيطرة على المحضون أم أن الأمر لا يعدو أن يكون بمثابة مطية من لدن الحاضن من أجل تصريف ضغائنه التي لا يعلمها الا هو لوحده وفي عزلة تامة عن المنتظم الدولي لا على مستوى مجلس الامن ، اللجنة الرابعة بل وحتى على مستوى الاتحاد الافريقي وغير من المنظمات الاقليمية هذا دون أن ننسى تكريس الحاضن لبنية العداء حتى تجاه اتحاد المغرب العربي الذي يعاني من سياسوية التوجه الخاص بالحاضن الذي أصبح يصور لنفسه بأنه بالإمكان أحياء أمجاد هذا الاتحاد بدون كل مكوناته.
ولعل المتأمل في هذا الوضع الأمني المتردي في منطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا ليجد نفسه أمام بنية دولة معادية لكل من لا يجاريها طرح العداء ضد المملكة المغربية، فهل الأمر يتعلق بحقد تاريخي أم ان الاخفاق الداخلي للمؤسسة العسكرية لا يمكن تصريفه الا عبر قناة قضية الصحراء المغربية ودعم سراب لا يوجد لا على خريطة جغرافية ولم يعد يبال به احد بل وتخلت عنه سلة من الاصوات الدولية التي فطنت للغة غاب العسكر الجزائري.
وإن منطق الغاب قد ولى والمؤتمرات الدبلوماسية التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945، وأحداث منظمة الامم المتحدة التي حلت محل عصبة الامم تؤكد على أن دول العالم واتحدث هنا عن الدول محكومة بنص القانون الدولي، وعلى هذا الاساس واعتبارا الخروقات المشينة للعسكر الجزائري الذي يتحكم في كل صغيرة وكبيرة على مستوى الجزائر، فانه ومع تكرار هذه التجاوزات لاتفاق وقف اطلاق النار ومحاولة مقارعة العسكر الجزائري للأمن والسلم الاقليمين فان المسؤولية الكبرى ملقاة على عاتق الامم المتحدة التي يجب عليها تحمل مسؤوليتها كاملة تجاه هذا العبث العسكري بالبنية الامنية الدولية عبر مطية خلية ارهابية انفصالية لا تملك الا سلاحا جزائريا ولا تتغذى الا على ما تجود به هذه المؤسسة من سرقة للمساعدات الانسانية الدولية وهذا ما تم التأشير عليه غيرنا مرة من لدن الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي يشهد بسرقة المساعدات الانسانية الموجهة لمخيمات العار بتندوف الجزائرية .
وعلى أساس ذلك، فان للمملكة المغربية الحق في الدفاع الشرعي على أمن ترابها متى دعت الضرورة الى ذلك وهو ما تستشفه من مقتضيات المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على أنه : ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء “الأمم المتحدة” وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.
وإن واقع الحال ليبرز التزام المملكة المغربية باحترام مبدأ الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة مع احترام تام لصلاحيات بعثة المينورسو وهو ما تؤكده جميع مضامين قرارات مجلس الامن التي تؤكد التزام المملكة المغربية بتدبير النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية تحت مظلة القانون الدولي والأمم المتحدة غير أنه ومع استفحال تحرش العسكر الجزائر عبر منصة الإرهاب ليسائل مسؤولية جمة تجاه الأمم المتحدة بجميع أعضائها التي من المسؤوليات الملقاة على عاتقها تطبيق القانون الدولي تجاه المخالفين لمبادئه ومضامينه، فكيف لا يطبق على الجزائر التي تمارس سياسية الأرض المحروقة تجاه بنية إقليمية وتساهم مساهمة مباشرة في دعم التطرف والإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، فمن نرجح في هذا الباب، هل قانون الغاب أم القانون الدولي تحت قبعة أممية عنوانها منظمة الأمم المتحدة كبنية دولية لها الشرعية الدولية في المحافظة على السلم والأمن الدوليين؟
* الدكتور العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط و المدير العام للمجلة الافريقية للسياسات العامة