مع الدخول السياسي الجديد، المرتقب أن يتم رسميا مع عودة البرلمان المغربي يوم الجمعة 10 أكتوبر القادم للانعقاد؛ يزداد النقاش للسنة الثالثة تواليا حول التعديل الحكومي الذي طال انتظار، وإن كان سيتم قبل اسدال الستار على عام 2024 أم أن أطراف الأغلبية وهي على بُعد سنتين من نهاية ولاية الحكومة الجارية ستغض الطرف عن هذا الأمر، وكذا الوزارات والقطاعات المعنية بالتغيير في حالة الإقدام على هذه الخطوة، ومدى أهمية هذه الأخيرة على المستوى السياسي.
♦ الدخول السياسي والتعديل الحكومي
اعتبر محمد شقير، الخبير والباحث في العلوم السياسية، في تصريح لجريدة “شفاف”، أن أهم ما سيميز الدخول السياسي القادم هو ما سيتضمنه الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الأولى للبرلمان من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، لافتا إلى أن التعديل الحكومي بات أمرا منتظرا، لكن بدأ يفقد ذاك الزخم الذي كان يحظى به بسبب التأخر الذي شهده، إذ جرى الحديث عنه منذ سنتين.
وأردف الخبير والباحث في العلوم السياسية، أن الخطاب الملكي تكمن أهميته في أنه سيحدد أولويات المغرب وأبرز السياسات المرتقب اتباعها، والتي على الحكومة وكذا البرلمانيين اعتمادها في تشريع القوانين وتنزيل الاستراتيجيات والمخططات والبرامج المرتبطة بذلك، لافتا إلى أنه سيكون هناك تركيز به على وضعية ومستقبل الحقل السياسي بالمملكة.
وأضاف أنه على بعد سنتين من نهاية ولاية الحكومة الحالية، لم يعد للتعديل الحكومية أهمية كما كان سابقا، مبرزا أنه قادم لا محالة وأن الإشكالية لا ترتبط الآن إلا بالوقت الذي سيتم فيه هذا الأمر، وذلك في انتظار حسم أطراف الأغلبية للمقترحات الخاصة بالحقائب الوزارية التي سيشملها التغيير، وتقديمها بعد ذلك للديوان الملك للنظر في قبولها أو رفضها.
الحصيلة المرحلية لحكومة أخنوش.. ماذا تحقق وهل فعلا وفت الحكومة بوعودها الانتخابية؟
وأوضح أن التعديل لن يتجاوز على الأغلب الحقائب التي تشرف عليها أحزاب الأغلبية، إما بإعفاء وزراء معينين أو تغيير قطاعاتهم، مع العمل على دعم بعض الوزارات بكتاب للدولة، وهو الأمر التي جرى الاتفاق عليه بين الثلاثي المشكل لأضلع الحكومة، لكنه لم يتم تفعيله لحدود اللحظة، بسبب عقد حزبي الأصالة والمعاصرة؛ والاستقلال لمؤتمريهما الوطنيين وانتخاب أمنائهما العامين وكذا هيئاتهما الداخلية.
وتابع الخبير والباحث في العلوم السياسية، أن التأخر في هذا الجانب يعود أيضا إلى غياب التوافق داخل هيئات وقيادات الأحزاب الثلاث على تسمية الشخصيات التي سيتم ترشيحها لتقلد مهام حكومية معينة، مشيرا إلى أن أواخر هذه السنة أو بداية عام 2025 سيحسم بلا شك في قرار هذا التعديل.
♦ الوزارات المرشحة للتغيير
يرى محمد شقير أن القطاعات الوزارية التي بنسبة كبيرة ستشهد التغيير خلال المرحلة القادمة؛ نجد وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، الذي ظهرت بشكل باهت تحت قيادة الوزيرة الاستقلالية عواطف حيار، مشيرا إلى أن الأمر نفسه مرتبط بوزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، التي فشلت المشرفة عليها، الوزيرة فاطمة الزهراء عمور (حزب التجمع الوطني للأحرار) في النهوض بهذا القطاع وتنزيل عدد من برامجه.
وشدد المتحدث ذاته، على أن أهم الأسماء التي ستكون تحت مقصلة التعديل الحكومي، هو عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الذي لا يحظى بإجماع داخل الاغلبية، بعدما أدى إلى تفجر الأزمة الكبيرة المرتبطة بطلبة كليات الطب والصيدلة، مشيرا إلى أن هذا الوزير أكد بشكل ملموس على عدم قدرته على التعامل مع الإشكاليات المرتبطة بمجاله وتجنب أي احتقان من شأنه التأثير على عمل الحكومة ككل.
الدخول السياسي الجديد.. ملفات ثقيلة وتحديات كبيرة تنتظر حكومة أخنوش
بخصوص وزارة العدل، أوضح شقير أنه على عكس ما كان رائجا بأن الوزير عبد اللطيف وهبي هو الأقرب لمغادرة الحكومة، فإن الرجل يبدو أكثر الوزراء حركية، حيث أنه بالرغم مما أثير حوله فإنه يستمر في تنزيل مشاريع القوانين التي كان إخراج بعضها أو الكثير منها لحيز الوجود عصيا عمن سبقوه.
وأضاف أن المهمة الموكولة للوزير وهبي؛ المتمثلة في الإشراف على الإصلاح القانوني وما يرتبط بمنظومة العدالة، والتي يشتغل عليها لحدود الساعة بشكل جيد، بالرغم من الانتقادات الموجهة له؛ ستجعله بشكل كبير خارج دائرة التعديل الحكومي خلال ما تبقى من الولاية التشريعية الحالية.
وأبرز الخبير والباحث في العلوم السياسية، أن عددًا من الوزارات السيادية يمكن أن يشملها التغيير أيضا، مثلما هو الحال مع أحمد توفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ 2002، والذي يبدو أن عامل التقدم في السن (81 عاما) سيكون حاجزا أمامه لاستمرار قيامه بالأدوار والمهام التي يؤديها بجدارة داخل الحقل الديني بالمغرب.
وفي السياق ذاته، استطرد قائلا إن ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قد يشمله في هذا الجانب التغيير، وذلك بالرغم من نجاحه على أكثر من مستوى خلال السنوات الأخيرة، مرجعا السبب في ذلك للحاجة إلى ديناميكية أكثر فيما يتعلق بالدبلوماسية المغربية والرفع من وثيرة الاشتغال على عدد من الملفات المرتبطة بالسياسة الخارجية للمملكة.
ولفت إلى أن إضافة كتاب الدولة إلى أعضاء الحكومة سيهم بدرجة أولى الوزارات التي تعرف ضغطا كبيرا على مستوى البرامج والمخططات وكذا الحاجة لتسريع الخطى لتنزيل عدد من المشاريع الهامة؛ مثلما هو الأمر مع وزارة التجهيز والماء، التي من المرتقب أن تضاف لها كتابة دولة أو وزارة منتدبة للإشراف على قطاع الماء، بحكم أنه أصبح يشكل أزمة في المغرب مع توالي سنوات الجفاف.
وأوضح أن الهدف من هذا التعديل الحكومي خلال المرحلة القادمة هو رمزيته السياسية، حيث أن اختتام الحكومة لنصف ولايتها الثانية يتطلب ضخ دماء جديدة، وبالتالي إعطاء إشارة إيجابية بأنها في صدد الرفع من وثيرة اشتغالها على مجموعة من الأوراش والبرامج، مبرزا أن ذلك سيدفع بها لتغيير بعض الوجوه وإضافة أعضاء جدد، وتدعيم بعض القطاعات الوزارات بكتابات للدولة أو وزارات منتدبة.