أعلنت إسبانيا أن وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس لن يحل بالجزائر في إطار الزيارة التي كانت مقررة، أمس الاثنين، بدعوة من نظيره الجزائري أحمد عطاف.
ونقلا عن وسائل إعلامية إسبانية فالسبب وراء إلغاء زيارة ألباريس إلى الجزائر بعد أقل من 12 ساعة يعود إلى عدم توافق الطرفين فى بعض الملفات التي كان مقرراً طرحها للمباحثات خلال الزيارة وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية وموقف إسبانيا منه.
و تهدف الزيارة الملغاة حسب الإعلام الإسباني إلى” طي صفحة الخلافات بين مدريد والجزائر وإعادة الدفء للعلاقات الثنائية التي عرفت أزمة غير مسبوقة بسبب دعم مدريد لمغربية الصحراء.
♦الصحراء المغربية وراء إلغاء زيارة ألباريس إلى الجزائر
وتعليقا على الموضوع أرجع أستاذ العلوم السياسية محمد شقير، إلغاء زيارة وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إلى الجزائر في آخر لحظة من يوم أمس الاثنين إلى رد فعل قصر المرادية الرافض لدعم مدريد لمخطط الحكم الذاتي لاسيما بعد تأكيد الأخيرة لموقفها المؤيد لمغربية الصحراء.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في تصريح لجريدة “شفاف”، أن ارتباط الجزائر بالتحركات الدبلوماسية المغربية في تعاملها مع الشركاء والمتمركز في الأساس حول قضية الصحراء المغربية جعل هذه الزيارة تلغى لأن الأخيرة كانت تٌمني النفس في تغيير الجانب الإسباني لموقفه من هذا الملف وتقويض العلاقات المغربية الإسبانية من جديد.
وأوضح المحلل السياسي، أنه و منذ أن قامت إسبانيا في وقت سابق بتغيير موقفها من ملف الصحراء المغربية وإعلان مساندتها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة منذ سنة 2007 إلى الأمم المتحدة من أجل إنهاء الصراع المفتعل حول مغربية الصحراء، وقصر المرادية يحاول بكل الطرق الضغط في اتجاه تغيير موقف الساسة الإسبان من قضية الوحدة الترابية للملكة وهو ماكانت الجزائر تراهن على تحقيقه خلال زيارة وزير خارجية مدريد لأراضيها.
وحسب المتحدث ذاته، فالضغوط التي مارستها الجزائر على مدريد فشلت بعد تصريح وزير الخارجية الإسباني قبل سويعات من الزيارة التي كانت مقررة إلى الجزائر، بأن الموقف الإسباني حول قضية الصحراء المغربية هو موقف دولة وليست حكومة، وهذا التصريح يعتبر حاسم وهو ما جعل السلطات الجزائرية تتراجع بشكل من الأشكال على تنظيم هذه الزيارة بدعوة أن الأجندة مملوءة.
وأوضح محمد شقير أن إلغاء الزيارة هي رسالة سياسية من الجزائر لمدريد بأنها غير راضية على موقفها الداعم لمغربية الصحراء، خصوصا بعدما حسم وزير الخارجية الإسباني الأمر في هذه المسألة، وبالتالي من الطبيعي أن قصر المرادية حاول تأخير الزيارة وتأجيلها لأنها لم تعد تخدم سياسته الخارجية الخاصة به.
♦قضية الصحراء المغربية تفاقم عزلة الجزائر
وأوضح محمد شقير، أن تأجيل زيارة خوسيه مانويل ألباريس إلى الجزائر تُظهر من جهة أخرى أن قصر المرادية يعرف خلافات كبيرة بين صانعي القرار الجزائري، بحيث هناك جناح واقعي يحاول ما أمكن أن يتعامل مع الواقع بشكل براغماتي، في حين هناك طرف أخر يحاول أن يعطل سياسة الجزائر الخارجية ويجعلها ترتكز على نقطة واحدة لا غير، خصوصا مع قرب الانتخابات الرئاسية في الجزائر. وهذا الوضع يوضح ويفسر في الوقت نفسه الارتباك السياسي الحاصل لدى الخارجية الجزائرية بسبب حصر أجنداتها الخارجية في موضوع لايخصها.
وأكد المتحدث أن سياسة الجزائر الخارجية مادامت مبنية على ردود أفعال وسياستها أحادية الجانب وتركز فقط على ملف الصحراء المغربية، فطبيعة الحال ستعمل على عزل نفسها على عدة مستويات اقتصادية وسياسية وفي الوقت نفسه تقزم علاقاتها مع جيرانها ومع محيطها القاري والدولي.
وزاد أستاذ العلوم السياسية، أن تركيز الجزائر على قضية واحدة في سياستها الخارجية واعتبارها المنفذ في التعامل مع كل شركائها ساعد في العزلة التي تعاني منها اليوم، بدليل أنها على خلاف مع عدة شركاء أوروبيين وأفارقة اللذين أظهروا على أنهم ليسوا على وفاق معها في الكثير من القضايا ومن بينها ملف الصحراء المغربية.
وبالتالي وفق المحلل السياسي، فسياسة الجزائر الخارجية لا تتماشي مع رؤية الشركاء نظرا لأنها سياسة ذات بعد واحد وغير واقعية ولاتتعامل مع الواقع الديبلوماسي والسياسي الذي هو في تغير متواصل.
وأضاف المتحدث أن غياب الرؤية لدى الخارجية الجزائرية ولدى صانعي القرار الجزائري زاد من تعزيز هذه العزلة وتفاقمها خصوصا مع ردود الأفعال السياسة المتقوقعة حول قضايا محددة وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.