شهدت الندوة التي نظمتها النقابة الوطنية لصناعات البترول والغاز، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بالمقر المركزي للأخيرة بحي النخيل بالدار البيضاء، يوم أمس السبت، حول “أسعار المحروقات وتكرير البترول بالمغرب”، إجماعا من طرف الخبراء والمهنيين على ضرورة عودة مصفاة “لاسامير” للعمل، وأيضا تدخل الحكومة لتنظيم مجال المحروقات، والقيام في هذا الإطار بمجموعة من الإجراءات، وعلى رأسها تسقيف الأسعار.
وفي هذا الصدد، أكد خالد لهوير العلمي، نائب الكاتب العام الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في الكلمة الافتتاحية للندوة، على الانخراط المطلق للنقابة في الدفاع على عودة الإنتاج بشركة “لاسامير” عبر تفويت أصولها لحساب الدولة المغربية وعلى الحد من الأسعار الحارقة للمحروقات، ومطالبة الوزراء والسلطات المعنية لتحمل مسؤوليتها في الموضوع من خلال الرسائل والبلاغات الصادرة في هذا الشأن.
وأشار العلمي إلى طرح هذا الموضوع من طرفهم في جلسات الحوار الاجتماعي ومن خلال طرح الاسئلة في مجلس المستشارين والتقدم بمقترح القانون لتنظيم أسعار المحروقات، ومقترح القانون لتفويت أصول شركة “لاسامير” لحساب الدولة المغربية، ومن خلال رفع الشكاية لمجلس المنافسة حول شبهة التفاهم حول الأسعار في نونبر 2016 من قبل النقابة الوطنية لمهنيي النقل التابعة للكونفدرالية.
وفي السياق ذاته، تطرق الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في عرضه المفصل لأهمية العودة لتكرير البترول من أجل المساهمة من جهة في تخفيض الأسعار في ظل الارتفاع الكبير لهوامش التكرير وانفصال سوق النفط العام عن سوق المواد الصافية (انفصال ثمن ليتر الغازوال في السوق الدولية بحوالي 4 عن سعر البترول الخام) ومن جهة في الرفع من المخزون الوطني الى 60 يوما تحسبا لكل الاحتمالات في ظل الاضطراب العالمي في سوق النفط والغاز.
ولفت اليماني إلى أهمية العودة لتكرير البترول من أجل المساهمة من جهة في تخفيض الأسعار في ظل الارتفاع الكبير لهوامش التكرير، وانفصال سوق النفط العام عن سوق المواد الصافية (انفصال ثمن ليتر الغازوال في السوق الدولية بحوالي 4 عن سعر البترول الخام)، ومن جانب آخر في الرفع من المخزون الوطني الى 60 يوما تحسبا لكل الاحتمالات في ظل الاضطراب العالمي في سوق النفط والغاز.
فيما دعا الدكتور محمد بنموسى، الخبير الاقتصادي والعضو السابق في لجنة النموذج التنموي، إلى ضرورة تحمل الحكومة لمسؤولياتها السياسية والكف من التفرج ومن محاولات تضليل الرأي العام في الملف، والمضي قدما وبالشجاعة السياسية المطلوبة لاتخاذ ما يلزم من القرارات والإجراءات المطلوبة من أجل مواجهة التضخم وارتفاع أسعار المحروقات والتصدي للأرباح الفاحشة على غرار ما تقوم به كل دول العالم والشروع بدون تردد ولا تماطل في اقتناء أصول شركة سامير المطروحة للتفويت لدى المحكمة التجارية عبر مقاصة الديون التي يمثل فيها المال العام 81% أو بتحويل تحويل ديون الدولة مع باقي الدائنين الى مساهمات في رأسمال الشركة.
كما طالب بنموسى بفتح نقاش وطني وبدون طابوهات في موضوع “لاسامير” والمحروقات واعتبار المصلحة العليا للمغرب فوق كل المصالح وفوق كل الاعتبارات والمصالح الخاصة والضيقة المرتبطة بالملف داخل وخارج المغرب.
وشدد الدكتور محمد جذري، المحلل الاقتصادي، على ضرورة مراجعة القوانين المهترئة المنظمة لقطاع البترول والغاز بالمغرب، حتى تتماشى مع مقومات تحرير السوق والأسعار من بعد انسحاب الدولة من الإنتاج بعد الخوصصة، والعمل على تكسير كل أشكال التركيز والتفاهمات والتشجيع على الاستثمار وتبسيط المساطير للمستثمرين الصغار والكبار، وتطرق لضرورة تخفيض الضرائب المطبقة على المحروقات سواء الضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة على الاستهلاك وتوجيه الدعم المباشر لذوي الدخل الضعيف والمنعدم من أجل مواجهة موجة الغلاء والتضخم، والعمل على الاستئناف العاجل لتكرير البترول بمصفاة المحمدية وبناء مصفاة أخرى من أجل الاستفادة من الفوارق الكبيرة التي يشهدها العام بين أسعار النفط الخام وأسعار المواد المكررة من الغازوال والبنزين والكروزين والفيول وغيره.
وأوضح ادريس العمراني، المحامي بهيئة الدار البيضاء والمستشار القانوني للنقابة في الملف الاجتماعي، بأن الحكومة مطالبة بشكل أو بآخر بمساعدة المحكمة التجارية في توفير شروط النجاح لتفويت أصول شركة “لاسامير” وتشجيع المستثمرين المهتمين بذلك، لأنه السبيل الوحيد لاسترجاع الممكن من المال العام العالق في مديونية الشركة، ولا سيما قرض الحيازة لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وبدون استمرار الشركة في تكرير البترول فإن قيمة بيعها لن تكفي حتى لمصاريف تهديمها وتطهير وتأمين الموقع.
وأبرز منير بنعزوز، الكاتب العام للنقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بأن المهنيين ينتظرون من مجلس المنافسة البث في الشكاية المرفوعة له منذ نونبر 2016 والقول بثبوت أو عدم ثبوت شبهة التوافق والتفاهم حول أسعار المحروقات من بعد تحريرها في فاتح دجنبر 2025، مما تسبب في ارتفاع الأسعار والاضرار بمصالح المقاولة النقلية التي وصلت فاتورة الغازوال زهاء 80 %من كلفة الاستغلال وتهديد العديد من المقاولات بالإفلاس وتشريد العاملين بها وما يتبع ذلك من مشاكل اجتماعية واقتصادية ومالية.
وأجمع المشاركين في هذه الندوة على أن أهم المكاسب المنتظرة من استئناف التكرير بمصفاة المحمدية تتمثل في تحقيق ربح سنوي صافي بأكثر من 8 مليار درهم (نصف ثمن البيع المطروحة به المصفاة للبيع من طرف المحكمة)، وخلق شروط التنافس في السوق المغربية، والمساهمة في تنزيل الأسعار لأكثر من 2 درهم لثمن الغازوال والبنزين والتخفيض من تكاليف استيراد الفيول لفائدة المكتب الوطني للكهرباء والكروزين لحساب شركة الطيران.
يضاف لذلك الرفع من المخزونات الوطنية لمواجهة خطر الندرة والانقطاع باستغلال التخزين بالشركة الذي يعادل نصفه زهاء 40 يوم من الاستهلاك من المواد النفطية (الغازوال-البنزين-الكروزين-الفيول-الاسفلت)، وتحقيق اقتصاد العملة بالعودة لشراء النفط الخام عوض المواد الصافية بمبلغ لا يقل عن 25 مليار درهم في ظل المستويات الحالية من الأسعار في السوق الدولية.
كما ستمكن هذه الخطوة من استرجاع جزء من المال العام العالق في المديونية العامة لشركة سامير، المقدرة بـ 95 مليار درهم ويمثل فيها الدين العام 81 % (الجمارك-مكتب الصرف-الأبناك-الضرائب-التقاعد…)، والسماح للدائنين العالميين باسترجاع جزء من ديونهم بعد النجاح في تفويت الشركة وتغطية ما أمكن من الديون عوض الخسارة المطلقة، مما سيعزز الثقة في مقتضيات القانون التجاري للمغرب وفي مناخ الاستثمار والتجارة بالمغرب.
وكشف المشاركون على أن عودة “لاسامير” للعمل ستمكن من المحافظة على 4500 منصب شغل مباشر وغير مباشر، وصيانة المكتسبات المهنية في صناعات تكرير البترول التي تراكمت عبر 6 عقود من الزمان، واسترجاع المساهمة المهمة للشركة في التنمية والنشاط التجاري بمدينة المحمدية والدار البيضاء (حوالي مليار درهم سنويا من الأجور والاشتراكات الاجتماعية والأنشطة…).
وتمت الإشارة كذلك إلى أن الأمر سيمكن من عودة الفرصة لضمان التكوين والتأهيل والتدريب لطلاب الجامعات والمدارس العليا للمهندسين والتقنيين وخريجي التكوين المهني في كل الشعب والتخصصات (حوالي 1200 متدرب ومتدربة سنويا)، وتوفير الفرصة لتطوير صناعات تكرير البترول وربطها باستعمالات الغاز الطبيعي وبناء الصناعات البتروكيماوية وتثمين الانتاج الوطني المرتقب في البترول والغاز موازاة مع تطوير الطاقة الخضراء.