تواصل الجزائر الضغط بمختلف الوسائل الممكنة وغير المسموحة على إسبانيا من أجل أن تتراجع هذه الأخيرة عن موقفها الداعم لمقترح الحكم الذاتي، المطروح من طرف المملكة كحل نهائي وفعال لملف الصحراء المغربية، إذ أن النظام العسكري عبر مختلف أذرعه وبشتى الطرق يحاول بلوغ هدفه في تقويض العلاقة بين مدريد والرباط.
وأشارت مجموعة من وسائل الإعلام الإسبانية إلى أن أساليب الضغط التي تنهجها الجزائر في هذا الإطار تتزايد، بداية من إغراق سواحل منطقة الأندلس بالمهاجرين السريين انطلاقا من الشواطئ الجزائرية، إذ أنقذ خفر السواحل الإسباني خلال الأسابيع الأخيرة مجموعة من “الحراكة” الجزائريين وكذلك من إفريقيا جنوب الصحراء، الذين انتقلوا على ذات قوارب الموت ومن الأماكن نفسها.
كما فرضت شركة “سوناطراك” العاملة في استغلال الموارد البترولية في الجزائر، على نظيرتها الإسبانية ” ناتورجي – Naturgy”، مراجعة سعر بيع الغاز الطبيعي، مقررة الرفع من الثمن وهو ما سيتم تطبيقه اعتبارًا من 1 يناير 2023، علما أن العقود الحالية تدوم لأكثر من 20 سنة، ولا تنتهي حتى عام 2030 بحجم سنوي يبلغ 5 مليار متر مكعب من هذه المادة.
وذكر الإعلام الإسباني أنه لا يزال تصديق أعلى السلطات الحكومية الجزائرية معلقا، على الرغم من توقيع الاتفاق بالفعل من قبل توفيق حكار، الرئيس التنفيذي لـ “سوناطراك”، وفرانسيسكو رينيس، رئيس “ناتورجي”، وهو ما يبرز الضغط المتواصل من طرف النظام العسكري على مدريد من أجل ثنيها عن موقفها الداعم للمغرب في قضيته الوطنية.
وأوضحت “إل باييس – El País” أن رينيس استسلم بالفعل لتحمل ارتفاع الأسعار، كما أوضحت خصوصية العقد، الذي لا يزال أمامه 10 سنوات، حيث تتم مراجعة الأسعار كل ثلاث سنوات، وهي فترة أطول من المعتاد، مشيرة إلى أن إسبانيا دفعت 38 يورو لكل ميغاواط/ساعة بين يناير ويونيو الماضيين، وسيكون السعر النهائي أعلى بنحو 10 يورو لكل ميغاواط/ساعة في إطار الاتفاق الجديد.
وفي تصريح لجريدة “شفاف”، قال محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الجزائر تسعى لممارسة مختلف أشكال الضغط من أجل دفع حكومة بيدرو سانشيز للتراجع عن موقفها من قضية الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن مدريد أكثر إدراكا من أي وقت مضى لمكانة المغرب وفعالية الشراكة معه.
وأضاف تاج الدين الحسيني أن النظام الجزائري يواصل بجميع الوسائل ليّ ذراع إسبانيا، سواءً من خلال سياسات الغاز أو الهجرة السرية أو غيرهما، والتي لم ولن تأتي أكلها، مشيرا إلى أن النظام العسكري عاد من كل سياساته المذكورة خالي الوفاض.
وأبرز أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ما يُظهر فشل عملية محاولة الضغط الجزائري على إسبانيا، هو التخبط الذي يعيشه النظام الجزائري على كافة المستويات، لا في شؤونه الداخلية أو في أمر دبلوماسيته الخارجية التي أثبتت ضعفها في هذا الملف.
وأشار المحلل السياسي في هذا السياق، إلى أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ذهب بعيدا عن خط المنطق، من خلال قوله إنه يبدو واضحا أن إسبانيا بدأت تتراجع تدريجيا عن موقفها بخصوص الصحراء المغربية، وهو ما يخالف الصواب في ظل الدينامية والحركية القوية التي تعرفها علاقات مدريد والرباط، والتي تتعزز يوما بعد آخر.