شهد المغرب مؤخراً تساقطات مطرية مهمة، أضفت أبعاداً جديدة على التوقعات للموسم الفلاحي الحالي، خصوصاً في ظل تحديات المناخ وتأثيراته على القطاع الزراعي.
وتعدّ هذه التساقطات موردًا هامًا لدعم الزراعات الخريفية وتجديد الفرشة المائية التي تعرضت لاستنزاف كبير، مع تعزيز فرص الاستدامة في الموارد الطبيعية، مما يرفع من آمال الفلاحين في تحقيق موسم ناجح.
كما تشكل هذه الأمطار فرصة لتقليص الاعتماد على وسائل الري الاصطناعي وخفض التكاليف، مع توقعات إيجابية بتحقيق إنتاجية زراعية مرتفعة هذا العام.
في أول نشاط رسمي ..وزير الفلاحة يطلق عملية الزرع المباشر من إقليم الحاجب
♦أهمية التساقطات المطرية للمغرب
أكد محمد بنعطا، المهندس الفلاحي ومنسق التجمع البيئي لشمال المغرب، على أن التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدها المغرب لها دور حيوي في دعم القطاع الفلاحي الوطني، في ظل التغيرات المناخية التي أثرت سلباً على انتظام دورات الأمطار الموسمية وجودة المحاصيل الزراعية في السنوات الماضية.
وأوضح المهندس الفلاحي في تصريح لجريدة “شفاف” أن هذه التساقطات تمثل بارقة أمل للفلاحين المغاربة، وتدعم التوقعات بتحقيق إنتاجية زراعية أعلى، خاصة فيما يتعلق بالزراعات الخريفية التي تعتمد على مياه الأمطار بشكل كبير.
وأوضح بنعطا، أن أهمية هذه التساقطات تتجلى في توقيتها المتزامن مع بداية الموسم الخريفي، حيث تعتبر المياه الناتجة عن هذه الأمطار المورد الرئيسي لري الأراضي الزراعية، مما يسهم في توفير الحاجيات المائية اللازمة لانطلاق الأنشطة الفلاحية. مبرزا أنها تساهم في تحسين خصوبة التربة، حيث تعمل على تزويدها بالمياه الضرورية، مما يساعد في تهيئة بيئة مناسبة لنمو المحاصيل.
ووصف بنعطا هذه الأمطار بأنها “رأس مال طبيعي” يعتمد عليه الفلاح المغربي بشكل كبير، إذ تساهم في خفض تكاليف الري وتقليل الاعتماد على الوسائل الاصطناعية، مما يعزز فرص نجاح الزراعات الموسمية، ويخفف العبء المالي على الفلاحين.
وأبان الخبير في المجال الفلاحي، أن هذه التساقطات لها دور رئيسي في دعم نمو المحاصيل الاستراتيجية، مثل الحبوب كالقمح والشعير التي تمثل جزءاً أساسياً من الأمن الغذائي في المغرب. مبينا على أن موسم الأمطار الجيد يقلل من الحاجة إلى استيراد هذه المحاصيل ويخفف من الضغط الاقتصادي على الدولة، ما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
كما أن هذه التساقطات، وفق المتحدث، تعمل على تحسين جودة المنتجات الزراعية من خلال تزويد التربة بالعناصر الغذائية الطبيعية، ما يساهم في نمو المحاصيل بشكل صحي ويقلل الاعتماد على الأسمدة الصناعية، الأمر الذي يحافظ على جودة التربة ويحد من التأثيرات البيئية السلبية.
وزير الفلاحة يعاكس الواقع ويتغنى بنجاح مخطط المغرب الأخضر.. فماذا تقول لغة الأرقام؟
♦أثر التساقطات المطرية على الزراعات الخريفية والفرشة المائية
فيما يتعلق بتأثير هذه التساقطات على الزراعات الخريفية، أوضح بنعطا أن الأمطار جاءت في توقيت مثالي لتحسين الظروف الزراعية وتعزيز نمو المحاصيل. مبرزا أن تزامنها مع فترة البذر يساعد في توزيع المياه بشكل متوازن داخل التربة، مما يدعم نمو متجانس للنباتات ويقلل من احتمالية تعرض المحاصيل للأمراض الفطرية التي قد تزداد في حال تأخر أو عدم كفاية الأمطار.
ويتوقع المتحدث كذلك في أن تساهم هذه التساقطات في تحفيز نمو الحبوب والخضروات، عبر توفير المياه الضرورية، ما يرفع كفاءة عمليات التمثيل الضوئي ويعزز إنتاجية المحاصيل.
وأضاف بنعطا أن للأمطار الأخيرة أثراً إيجابياً على تجديد الفرشة المائية التي تعرضت لاستنزاف كبير بسبب الجفاف المتواصل. مؤكدا أن تجديدها يعد ضرورياً ليس فقط لدعم النشاط الفلاحي، بل أيضاً لتلبية الحاجيات اليومية للسكان في المناطق القروية التي تعتمد على المياه الجوفية. مبينا أن إعادة إنعاش الفرشة المائية تسهم في تحقيق استدامة بيئية وتوازن مائي، وتخفف من الضغط على الموارد المائية الجوفية، مما يقلل من الحاجة إلى مشروعات الري الاصطناعي المكلفة.
وزاد المتحدث أن تأثير الأمطار على القطيع والمواشي سيكون إيجابيًا، حيث سيساهم في تحسين الغطاء النباتي وزيادة أعداد المواشي، سواء في الهضاب العليا أو في المناطق الجنوبية.
ومن المتوقع، وفق بنعطا، أن ينعكس ذلك إيجابًا على إنتاج اللحوم الحمراء في البلاد، مما يؤدي إلى تحسين جودتها.
وزارة الفلاحة فوق فوهة بركان.. لماذا تحتج الشغيلة الفلاحية وإلى أين يقود التصعيد؟
♦التوقعات للموسم الفلاحي مقارنة بالسنة الماضية
في ظل التساقطات الأخيرة، يرى بنعطا أن التوقعات تشير إلى أن الموسم الفلاحي الحالي قد يكون أفضل بكثير من الموسم الماضي الذي تأثر سلباً بنقص الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. مؤكدا أن الأمطار المبكرة والموزعة بشكل جيد تعزز فرص نجاح المحاصيل وتزيد من احتمالية تحقيق إنتاجية مرتفعة، مما قد يسهم في تحقيق عائد اقتصادي مجزٍ للفلاحين ويقلل من الاعتماد على الواردات.
وأشار إلى أن استدامة الموسم الفلاحي تتطلب انتظام التساقطات خلال فصلي الشتاء والربيع أيضاً، حيث أن انقطاع الأمطار لفترات طويلة قد يؤدي إلى عودة التحديات المرتبطة بالجفاف ويؤثر على استمرار نمو المحاصيل. مشددا على أهمية متابعة الأحوال الجوية وتوجيه المزارعين نحو أساليب زراعية أكثر كفاءة في استخدام المياه، للمحافظة على الموارد وتحقيق موسم فلاحي مستدام.
♦أهمية التخطيط وإجراءات الاستدامة لمواجهة التغيرات المناخية
وعلى الرغم من التساقطات المطرية المشجعة، شدد بنعطا على أهمية التخطيط المحكم لمواجهة التقلبات المناخية غير المتوقعة، ودعا إلى تبني استراتيجيات زراعية متطورة تتلاءم مع الواقع المناخي الحالي. مشيرا إلى ضرورة استغلال فترات التساقطات لتعزيز قدرات تخزين المياه، سواء عبر بناء السدود الصغيرة في المناطق القروية، أو من خلال اعتماد تقنيات أخرى تحافظ على المياه سواء الجوفية أو السطحية.
كما أكد المتحدث على أهمية تشجيع زراعة الأصناف النباتية التي تتميز بقدرتها على مقاومة الجفاف، واعتماد طرق ري فعالة في حال انخفاض معدلات التساقطات، وذلك للمحافظة على الموارد المائية وتعزيز الإنتاجية الفلاحية.
وأبرز بنعطا أن توعية المزارعين بسبل الحفاظ على الموارد المائية وتحسين كفاءة عمليات الزراعة جزءٌ أساسي من تحقيق موسم فلاحي ناجح. مبرزا أهمية نشر الوعي حول حماية الفرشة المائية، والاعتماد على تقنيات حديثة مثل الزراعة المحمية والزراعة الدقيقة، لما لها من تأثير إيجابي في تعزيز الإنتاجية وتقليل آثار التقلبات المناخية على المحاصيل الزراعية.
ارتفاع أسعار السمك في الأسواق الوطنية.. كيف يفسر المهنيون الغلاء ومن يتحمل المسؤولية؟