واجه رئيس الحكومة المغربية موجة من الانتقادات من طرف المعارضة على خلفية تصريحاته الأخيرة التي أكدت تحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
وتركزت انتقادات المعارضة حول ما وصفته بتناقض الخطاب الرسمي مع الواقع الذي يعاني فيه المواطنون من ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور القدرة الشرائية.
كما انتقدت المعارضة توجهات الحكومة بخصوص قانون المالية، التي اعتبرتها غير كافية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية. مشيرة إلى أن التدابير المتضمنة، مثل الإعفاء التدريجي لمعاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل، لا ترقى إلى مستوى التحديات.
وأثار مشروع قانون الإضراب جدلاً واسعًا، حيث اعتبرته المعارضة والنقابات محاولة لتقييد حق دستوري أساسي وتقليص هامش الحريات النقابية. داعية إلى إعادة صياغة المشروع بما يضمن توازناً بين حقوق العمال واستقرار العمل.
وانتقدت المعارضة كذلك عدم تقديم الحكومة لخطط شاملة لتحسين الأوضاع الاجتماعية، مشيرة إلى أن السياسات الحالية تكرس التفاوت الاجتماعي وتفاقم معاناة الفئات الهشة، ما يعكس غياب رؤية حقيقية للتعامل مع الأزمة.
أخنوش يشيد بحكومته ويقول أنها “أوفت بوعودها” للمغاربة.. فأين الحقيقة؟
♦اختبار حقيقي لجدية الحكومة في تحقيق العدالة الاجتماعية
انتقدت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، الأداء الحكومي بشأن القضايا الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، مشيرة إلى أن مشروع قانون الإضراب في قراءته الثانية يثير الكثير من التساؤلات حول جدية الحكومة في معالجة الملفات التي تمس حياة المغاربة بشكل مباشر.
واعتبرت التامني في تصريح لها لجريدة “شفاف”، أن الحكومة تواصل اعتماد خطاب سياسي يغلب عليه التجميل المفرط للواقع بدلًا من مواجهة الحقائق الصعبة بشفافية وشجاعة.
وأشارت التامني إلى أن الخطاب الرسمي لرئيس الحكومة يروج لصورة “وردية” عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في وقت يواجه فيه المغاربة أزمات خانقة على جميع المستويات.
وقالت المتحدثة: “الجميع يدرك أن البطالة في ارتفاع مستمر، وأن غلاء المعيشة تجاوز كل التوقعات، ما أدى إلى تفاقم الفقر وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين. مبرزة أن هذا الواقع لا يمكن تغطيته بخطابات تجميلية منفصلة عن المعاناة اليومية التي يعيشها المواطنون في المدن والقرى”.
الحصيلة المرحلية لحكومة أخنوش.. ماذا تحقق وهل فعلا وفت الحكومة بوعودها الانتخابية؟
♦قانون الإضراب: تقويض للحريات النقابية
وفي حديثها عن مشروع قانون الإضراب، وصفت التامني النص التشريعي بأنه “تكبيلي”، مشيرة إلى أنه يهدف إلى تقييد الحريات النقابية بدل تعزيزها. وقالت: “القانون كما هو معروض الآن لا يعكس رغبة حقيقية في تحسين مناخ العمل أو دعم حقوق العمال، بل يمثل تهديدًا صريحًا للمكتسبات الدستورية المتعلقة بالحق في الإضراب”.
وأكدت أن الحكومة مطالبة بإعادة النظر في هذا القانون، واعتماد مقاربة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف، بدل اللجوء إلى تدابير تزيد من توتر الأوضاع الاجتماعية.
وأضافت: “كان الأجدر بالحكومة أن تعالج الأسباب الحقيقية التي تدفع العمال إلى الاحتجاج والإضراب، بدل التركيز على قوانين تقيد حرياتهم. مردفة على الحكومة أن تدرك أن تعزيز الحريات النقابية جزء لا يتجزأ من تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان استقرار العلاقات المهنية”.
♦معاشات المتقاعدين: تدابير محدودة وتأثير ضعيف
وفيما يتعلق بمعاشات المتقاعدين، انتقدت التامني الطريقة التي صورت بها الحكومة إعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل كإنجاز كبير.
وأوضحت النائبة البرلمانية أن هذا القرار رغم أهميته من حيث المبدأ، يظل تأثيره محدودًا للغاية في ظل الارتفاع الكبير لتكاليف المعيشة.
وقالت التامني: “الفئات المستفيدة من هذا الإجراء محدودة جدًا، وتأثيره على تحسين ظروف معيشة المتقاعدين لا يكاد يذكر مقارنة بحجم التحديات التي تواجههم، خصوصًا في مجالات الصحة والعلاج ومتطلبات الحياة اليومية”.
وأكدت أن تحسين أوضاع المتقاعدين يتطلب تبني رؤية شاملة تتجاوز الإجراءات الجزئية. مبينة على أنه لا يمكن لأي إجراء معزول أن يحدث تغييرًا ملموسًا في حياة المتقاعدين، مردفة أن المطلوب هو إصلاح شامل يشمل رفع قيمة المعاشات، تحسين جودة الخدمات الصحية، وتعزيز الحماية الاجتماعية لهذه الفئة التي أفنت سنوات عمرها في خدمة المجتمع”.
بعد مرور سنة على تنصيبها.. هل نجحت الحكومة في الالتزام بوعودها؟
♦دعوة إلى خطاب واقعي وسياسات شجاعة
وفي انتقادها للخطاب الحكومي، شددت التامني على ضرورة أن تواجه الحكومة المغاربة بخطاب واقعي وصادق يعكس التحديات الحقيقية التي يواجهها المواطنون.
وقالت: “المسؤولية السياسية تقتضي الصدق مع المواطنين، والاستماع إلى نبض الشارع بدل اللجوء إلى خطابات متفائلة لا علاقة لها بالواقع”.
وأضافت أن على الحكومة أن تقدم حلولًا عملية ومتكاملة بدل الاكتفاء بالترويج لإنجازات صورية لا تلامس الحياة اليومية للمغاربة.
ودعت التامني الحكومة إلى مقاربة شاملة لمعالجة القضايا الاجتماعية، مؤكدة أن قانون الإضراب ومعاشات المتقاعدين يشكلان اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الحكومة بتعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق تطلعات المواطنين.
وأردفت على أن “الحكومة أمام فرصة لإثبات جديتها من خلال تقديم سياسات تعكس الواقع وتستجيب لحاجيات المواطنين بدل تضليلهم بخطابات منفصلة عن الواقع المعيشي”.
في حوار مع “شفاف”.. التامني: “الحكومة سلّعت الصحة وتتجه نحو الانسحاب التدريجي من الخدمة العمومية”
♦رسالة للحكومة: الأولوية للعدالة الاجتماعية
وختمت التامني تصريحها بتأكيد أن الحكومة مطالبة بوضع قضايا المواطنين في صلب سياساتها العمومية، وتبني إجراءات شجاعة لمعالجة التحديات الكبرى التي تواجه المجتمع المغربي.
وقالت: “المغاربة ينتظرون من الحكومة رؤية واضحة وخطوات عملية تحسن من ظروفهم المعيشية، وتضمن لهم العدالة الاجتماعية التي تمثل أساس الاستقرار والتقدم”.
وأضافت: “معالجة قضايا مثل قانون الإضراب ومعاشات المتقاعدين تتطلب رؤية شاملة وإرادة سياسية قوية. مردفة أن المغاربة بحاجة إلى سياسات واقعية تخفف عنهم العبء اليومي، وتضع حداً للمعاناة المتزايدة، بدل الاكتفاء بخطابات لا تمت للواقع بصلة”.