في انتظار ما ستسفر عنه مشاورات أحزاب الأغلبية الحكومية، حول التعديل الحكومي المرتقب، عبر إمكانية تغيير وزراء وإضافة كتاب الدولة، يبرز للواجهة ضعف الاعتماد على الشباب في مناصب المسؤولية، وعدم دفع الأحزاب الكبرى بالشباب من أجل تقلد مهام سياسية.
ومن بين الأحزاب الثلاث المشكلة للأغلبية الحكومية، التي يجري الحديث عنها بخصوص مسألة منح الفرصة للشباب ومسألة اعتماد شخصيات تكنوقراطية في المناصب الحكومية، تسلط الأضواء بقوة على حزب الاستقلال، بسبب مكانته ورمزيته التاريخية والسياسية.
في هذا الصدد، حاورت جريدة “شفاف”، محمد نوفل عامر، عضو اللجنة المركزية لحزب الاستقلال، وعضو المكتب التنفيذي لمنظمة الشبيبة الاستقلالية، من أجل التعرف على مطالب ومساعي شبيبة الاستقلال، وتوجه حزب “الميزان” فيما يخص ترشيحات الحزب بخصوص تعيينات كتاب الدولة، وغيرها من الأمور.
هل العلاقات لها دور أو تأثير في تعيين الشباب بدواوين وزراء الحزب؟
الأمين العام للحزب نزار بركة هو من دبر عملية التعيين في دواوين الوزارات التابعة لـ “الاستقلال”، واعتمد في ذلك على معايير الكفاءة العلمية والارتباط التقني للشخص المرشح توليه منصبا ما في هذا الإطار، إذ لابد أن يكون له تجارب سابقة في مجال له علاقة بالقطاع المرتقب أن يعين فيه.
مثلا المسؤول عن التواصل في وزارة النقل واللوجستيك، خبير في هذا المجال، وأيضا عضو المكتب التنفيذي للشبيبة الاستقلالية، والذي ينحدر من جهة السوس.
وكذلك هناك شاب آخر من الدار البيضاء خبير في التواصل يشتغل مع عواطف حيار، وزيرة التضامن والاندماج الاجتماعي والأسرة، والذي له خبرة مهمة إذ يمتلك قبل ذلك شركة للتواصل، واشتغل وطنيا ودوليا في هذا الميدان، كما أنه عضو أيضا بالمكتب التنفيذي للشبيبة الاستقلالية.
وما سبق يبرز أن مسألة العلاقات والنفوذ وإرضاء الخواطر غير موجودة في مسألة التعيينات في مناصب المسؤولية، علما أن كل قطاع وزاري من تلك التي يقودها وزراء “الميزان” ضم شابا أو شابة واحدة من الشبيبة الاستقلالية، والذين توفرت فيهم جميعا الكفاءة والأهلية لتولي هذه المناصب.
ما هي الشروط التي يحددها الحزب فيما يخص هذه التعيينات؟
التعيين في الدواوين محكوم بمرسوم وفيه شروط، يعني أنه ليس أي كان يمكن أن يشتغل بهذه المؤسسات أو القطاعات الوزارية.
وكل المناضلين والمناضلات المتواجدين اليوم بالوزارات خضعوا لشرطين أساسيين قبل تعيينهم، أولاها احترام ما جاء في المرسوم المنظم لهذا الأمر، وثانيها ضرورة التوفر على الدبلوم والكفاءة والارتباط بالقطاع.
فمثلا أنا كعضو بديوان الوزير نزار بركة، مسؤول عن الشؤون القانونية، سبق لي قبل الالتحاق بهذا المنصب أن اشتغلت بهذا المجال لمدة 12 عاما، وهو الأمر المنطبق على بقية المعينين في هذا الإطار، سواءً كمستشارين أو في الدواوين.
ماذا عن المرشحين من الحزب لتولي مناصب كتاب الدولة؟
في هذا الجانب قد نرى شبابا يتقلدون منصب كاتب دولة، لاسيما وأن الحزب يتوفر على كوادر شبابية مؤهلة لذلك، وكما قلت الكفاءة والخبرة والتجربة ستكون حاسمة، وأشير هنا إلى أن قيادة الحزب تدعم فكرة تولي الشباب لمناصب المسؤولية.
والشبيبة الاستقلالية لا ترتبط بالمحطة الحالية فقط، والتواجد اليوم في البرلمان أو المواقع الحكومية، بل دائما كانت تصدر الكفاءات منذ عهد عبد الحق التازي، لما كان كاتبا عاما لشبيبة “الميزان”، ليصبح فيما بعد وزيرا، وأيضا الراحل محمد الوفا، الذي ولج البرلمان حين كان كاتبا للشبيبة الاستقلالية، ومن بعدها سفيرا، فوزيرا لمجموعة من القطاعات الحكومية.
والشبيبة كانت دائما مشتلا لصناعة الكفاءات الحزبية التي تجمع بين شيئين، هما تَملك المعرفة ومعها الأمور التقنية التي تعد ضرورية، وتملك التجربة السياسية، وهو ما أدى إلى نجاح الفرق الاستقلالية سياسيا في عديد المحطات والمهام.
كيف ترى مسألة اعتماد الحزب على التكنوقراط في الاستوزار؟
كل الشخصيات التي تم تعيينها عن حزب الاستقلال بحكومة عزيز أخنوش، هي منتسبة لـ “الميزان”، وهو ما حسم فيه من قبل الحزب في بلاغات ولقاءات إعلامية، وتم تأكيد أمر ارتباط هؤلاء بالاستقلال.
بالنسبة لرياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، فمنذ مدة وهو عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال، وعضو المكتب التنفيذي لرابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، وهي المناصب التي يتولاها أيضا داخل الحزب محمد بن عبد الجليل، وزير النقل واللوجيستيك.
كما أن الوزيرة عواطف حيار، اشتغلت لمدة طويلة بـ “الميزان”، وكانت من أبرز المساهمين في إعداد البرنامج الانتخابي للحزب، لاسيما في المجال الاجتماعي، لكن ظهورها في الواجهة كان نادرا بسبب منصبها كرئيسة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
أغلب وزراء الاستقلال لم تكن للمغاربة معرفة بهم قبل تعيينهم؛ ما السبب في ذلك؟
عدد من الاستقلاليين الذين يشتغلون في مناصب حساسة أو تلك التي تلزم أن تكون هناك مسافة مع ما هو سياسي، إذ كانوا ينخرطون في أمور الحزب، لكنهم لا يتقلدون مواقع القرار داخل “الميزان” بسبب هذا الأمر.
والمثال الأبرز هنا هو عبد الكبير زهود، الذي عين سابقا واليا عن جهة الدار البيضاء – سطات، إذ أنه رغم تقلده هذا المنصب فهو يبقى استقلاليا، وبالرغم من عدم وجوده اليوم في المهام القيادية بـ “الميزان”، فقد نراه في المرحلة المقبلة مثلا وزيرا عن الاستقلال، وعلى هذا الأمر يقاس في الأمثلة المذكورة سابقا.