اختار حزب الأصالة والمعاصرة، خلال مؤتمره الخامس الذي عقد بمدينة بوزنيقة خلال اليومين الماضيين، لجنة مشتركة لقيادة الحزب، تضم كل من فاطمة الزهراء المنصوري، وصلاح الدين أبو الغالي ومحمد المهدي بنسعيد.
وفور إعلان حزب الجرار عن القيادة الجماعية الجديدة التي ستعمل على تدبير شؤونه في المرحلة القادمة، اعتبر مجموعة من الفاعلين السياسيين توجه حزب الأصالة والمعاصرة نحو القيادة المشتركة دليل على الأزمات الداخلية التي يعيشها نتيجة تورط عدد من الأسماء البارزة فيه في قضايا فساد والاتجار الدولي في المخدرات.
وعلى إثر ذلك أجرت جريدة “شفاف” حوارا مع قلوب فيطح، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، ورئيسة منظمة نساء الأصالة والمعاصرة، حول دواعي توجه حزب “البام” نحو القيادة الجماعية في سابقة في تاريخ الأحزاب السياسية بالمغرب.
س: ماهي دواعي اختياركم لقيادة جماعة خلافا للمتعارف عليه منذ سنوات لدى جل الأحزاب المغربية؟
ج: أولا، قبل الخوض في السبب الذي جعل الحزب يختار قيادة حزبية ثلاثية، لابد من التعريج على مرجعية الحزب التي أسس عليها على اعتبار أنه مؤسسة حزبية مبنية على الحداثة والديمقراطية هدفها الدفاع عن حقوق المواطنات والمواطنين وقيم المساواة والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
كما أن الحزب جاء ليمارس السياسة بشكل مغاير عن الأحزاب الأخرى الموجودة على الساحة السياسية في المملكة، وذلك بهدف إعادة الثقة للمشهد السياسي والحزبي وتجويد ممارساته السياسية على أرض الواقع.
وبناء على ما سبق، اختار مناضلو ومناضلات حزب الأصالة والمعاصرة وخصوصا أعضاء وعضوات المجلس الوطني بإجماع تام القيادة الجماعية بدل الطريقة الكلاسيكية في تدبير شؤون الحزب.
كما تعتبر القيادة الجماعية التي اختارها الحزب تجربة ديمقراطية حداثية سيكون لها بلا شك أثرها في تعزيز مكانة الحزب في المشهد السياسي الوطني، وستعمل على إعطائِه دينامية جديدة ودفعة قوية لمواصلة البناء التأسيسي والتنظيمي ومواصلة انخراطه البناء في المسار الديمقراطي التنموي مع تحصين مكتسباته.
س: يزعم البعض على أن عدم اتفاقكم على مرشح واحد للأمانة العامة للحزب يعكس حالة التصدع والصراعات داخل البام ؟
ج: أولا كل تلك الأخبار المشاعة عن الحزب غير صحيحة، ولو كان بالفعل يعيش على وقع الصراعات داخله كما يزعم البعض لما عقد مؤتمره الوطني الخامس في موعده القانوني، ولا عاش أعضاء وعضوات حزب الأصالة والمعاصرة على مدار يومين متواصلين عرسا ديمقراطيا.
كما أن الحزب اليوم في حلته الجديدة يعتبر في أقوى محطاته وسيظل قوِيا بِتماسك ووحدة الصف بين جميع المناضلين والمناضلات، والدليل على ذلك هو التوافق وبالإجماع على القيادة الجديدة وابتكار شكل حداثي ديمقراطي جديد.
كما أن فكرة القيادة الجماعية التي تجسدت واقعيا من خلال حزب الأصالة والمعاصرة تعد انتصاراً للمبادئ الدستورية وتكريسا للمُقاربة التشاركية والمسؤوليات المشتركة، بحيث يبقى الحزب مبتكر لوسائل عمل جديدة.
ويرجع هذا التغيير إلى تشبع مناضلي ومناضلات الحزب بمبادئ الديمقراطية، وبالتالي القيادة ضمت ثلاثة مناضلين على رأسهم فاطمة الزهراء المنصوري، بحيث هؤلاء يعتبرون طاقات شابة همهم الوحيد هو التجاوب مع انتظارات المواطنين والمواطنات وتجويد الممارسة السياسية وتجديد الذات الحزبية خدمة للوطن والمواطن.
كما لا يمكن تفسير القيادة الجماعية التي نهَجها الحزب إطلاقا بأنها تذهب نحو إرضاء الخواطر كما يراها البعض، بحيث تبقى هذه التخمينات بعيدة عن المنطق والصواب جملة وتفصيلا.
س: هل الاعتقالات التي طالت بعض قيادات الصف الأول على خلفية ملف إسكوبار الصحراء أثرت على صورة الحزب وعلى ظروف انتخاب الأمين العام؟
ج: مسألة الاعتقالات متواجدة وتهم جميع الفئات المجتمعية وليست لصيقة بحزب الأصالة والمعاصرة.
والحزب اليوم يضم آلاف المناضلين والمناضلات واعتقال عضوين وإن كان قد شكل صدمة لمناضلي الحزب، فإنه لا يمكن إطلاقا أن يؤثر على المسار التنظيمي والتأسيسي ومشروع الحزب.
كما أن تلك الاعتقالات لا يمكن أن تؤثر بأي شكل من الأشكال على طريقة انتخاب الأمانة العامة، وهذا الجدل الدائر حول الحزب عائد إلى أن البعض لم يتقبل فكرة القيادة الجماعية، لكن هذا الأمر سيترك للزمن كي يبين إيجابيات هذه الخطوة.
س: ارتباطا بالاستحقاقات المقبلة هل الحزب يمتلك مشروعا سياسيا من أجل خوض الانتخابات المقبلة؟
ج: منذ تأسيس الحزب سنة 2008 وهو يمتلك مشروعا سياسيا بحيث يمكن للجميع الرجوع إلى ديباجة النظام الأساسي الخاص به، والذي من بين مقتضياته أن الحزب يعمل في إطار الثوابت الجامعة للأمة والمتمثلة في الدين الإسلامي والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والاختيار الديمقراطي.
كما أن الحزب هدفه المصلحة العليا للوطن، بالإضافة إلى ذلك هو متشبث بقيم الحداثة وحقوق الإنسان وقيم المساواة والمواطنة والعدالة الاجتماعية، وبالتالي لابد من الاعتراف بمجهودات المناضلين والمناضلات فيما وصل إليه الحزب اليوم.
كما لابد من استحضار المكتسبات التي تحققت منذ مرحلة التأسيس وخصوصا فترة الأمين العام السابق عبد اللطيف وهبي، خصوصا أنها كانت في ظروف استثنائية على المملكة والعالم بأسره بفعل جائحة كورونا، ورغم ذلك استطاع الحزب أن يتزعم المشهد السياسي الوطني كثاني قوة سياسية بالبلاد والمشاركة في الحكومة الحالية بسبع وزراء ووزيرات.
والحزب كذلك تمكن من ترأس أربع جهات ومجموعة من الجماعات، بالإضافة إلى حفاضه على وحدة صفه وتقوية هياكله الحِزبية وتنظيماته الموازية، ومن بين التجديدات التي قام بها الحزب هو تجديد الهياكل التنظيمية لمنظمة نساء الأصالة والمعاصرة واليوم الأمانة العامة في شخص منسقتها فاطمة الزهراء المنصوري ستواصل البناء وتحصين المكتسبات وتطويرها والدفع قدما بالحزب من أجل تحقيق الصدارة.
ومن خلال هذا التجديد أتمنى أن تتربع امرأة مناضلة كفاطمة الزهراء المنصوري على رأس الحكومة المقبلة خصوصا وأن النساء المغربيات أصبحن يتبوأن مكانة متميزة بالمجتمع وفاعلات فيه بشكل قوي، وبالتالي لا ينقصهن سوى الاعتراف بقدراتهن.
كما لايجب نسيان المناضلة الشابة نجوى ككوس التي ترعرعت في صفوف حزب الأصالة والمعاصرة واستطاعت من خلاله أن تنال ثقة المناضلين والمناضلات بالإجماع على ترأس المجلس الوطني للحزب، وهذا تتويج واعتراف من الحزب بالقُدرات النسائية خصوصا الشابة منها.