شهدت منطقة شتوكة أيت باها، وبالتحديد مدن بيوكرى وخميس أيت عميرة وسيدي بيبي، الاثنين الماضي، احتجاجات واسعة للعاملات والعمال الزراعيين.
وجاء هذا الحراك، وفق تقرير جمعية أطاك، تعبيرًا عن الغضب من الظروف الصعبة التي يعيشها هؤلاء العمال، سواء من حيث تدني الأجور أو الاستغلال المفرط الذي يمارس عليهم، خصوصًا من قبل سماسرة العمل في “الموقف”، النقطة اليومية لتجمع الباحثين عن عمل في القطاع الزراعي.
ووسط تفاقم الغلاء تركزت الاحتجاجات، حسب التقرير ذاته، على مطلب رئيسي يتمثل في رفع الأجور اليومية إلى 150 درهمًا، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية.
وأشارت الجمعية أن الحد الأدنى القانوني للأجر في القطاع الزراعي لا يتجاوز 84.37 درهمًا في اليوم، وهو ما وصفه المحتجون بأنه غير كافٍ لتغطية تكاليف المعيشة الأساسية، مثل السكن، التغذية، الصحة، وتعليم الأبناء.
وكشفت الجمعية أن العاملات والعمال يعانون من استغلال ممنهج يتمثل في غياب التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وحرمانهم من التغطية الصحية والتقاعد، فضلًا عن غياب منح الأقدمية والمردودية.
كما يُحرم العاملون، وفق التقرير ذاته، من المزايا الاجتماعية الأساسية مثل السكن، المرافق الصحية، وبرامج محو الأمية. مبرزا أن هذا الوضع يتفاقم لدى النساء العاملات، حيث يتم انتقاء العاملات بناءً على معايير السن والجمال، بينما تتعرض العديد منهن للتحرش والابتزاز الجنسي من قبل السماسرة أو في أماكن العمل.
وأكدت دراسة ميدانية أجرتها جمعية “أطاك المغرب” عام 2019، ونُشرت في كتابها “دفاعًا عن السيادة الغذائية بالمغرب”، أن العاملات والعمال الزراعيين في شتوكة أيت باها يعملون في ظروف قاسية.
وأبرزت الدراسة أن الغالبية يعملون داخل البيوت البلاستيكية في درجات حرارة ورطوبة مرتفعة، مع استخدام مكثف للمبيدات السامة دون توفير وسائل الحماية اللازمة.
كما أشارت الدراسة ذاتها، إلى غياب الحد الأدنى من معايير الصحة والسلامة المهنية، وغياب المرافق الضرورية مثل المراحيض وبدلات العمل، مما يعمق من معاناة العاملات والعمال.
أظهرت الجمعية على أن العمال يعانون من مخاطر التنقل في وسائل نقل غير آمنة مثل الجرارات وشاحنات النقل السري، حيث يضطرون للتكدس في ظروف غير إنسانية. مبينة أن العديد من المناطق شهدت حوادث سير مميتة، والتي تترك الأسر دون معيل وسط غياب تعويضات كافية عن هذه الحوادث.
كما كشفت الجمعية أن النساء يشكلن أغلبية اليد العاملة في القطاع الزراعي، ما يعرضهن للتحرش الجنسي أو الاستغلال، مبرزة أن هؤلاء العاملات يعانين من اضطهاد مزدوج من قبل المشغلين والسماسرة، بالإضافة إلى ظروف العمل القاسية التي تتجاهل احتياجات النساء الحوامل أو المرضعات. إضافة إلى غياب الحضانات وعدم السماح لهن بإرضاع أطفالهن يعكس استهتارًا بحقوقهن كأمهات وعاملات.
وأبان الجمعية في تقريرها إلى أن المحتجون دعوا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين ظروف العمل، بدءًا برفع الأجور اليومية، وتوفير تغطية اجتماعية وصحية عادلة، وضمان حقوق العاملات والعمال في بيئة عمل آمنة وإنسانية. مطالبين كذلك بتفعيل الرقابة على السماسرة وأرباب العمل الذين يتلاعبون بحقوق العمال، وفرض قوانين تحمي العاملات من التحرش والابتزاز.