على بعد 200 كلم عن مدينة الراشيدية، وبين ربوع جبال الأطلس الكبير تقع منطقة إملشيل النائية، تشدك مناظرها الطبيعية الخلابة وجبالها الشامخة ذات الارتفاعات الشاهقة تنتشر بيوت طينية هنا وهناك، ومساكن قد لا توفر الشروط اللازمة لحماية أهل هذه المنطقة من قسوة الظروف الطبيعية والمناخية.
“إملشيل” التي يقدر عدد سكانها ب 3956 نسمة حسب الإحصاء الرسمي للسكان والسكنى لسنة 2004، تصل درجة الحرارة بها إلى ناقص 3 درجات، لذلك فالساكنة تعاني من أبسط الخدمات، في ظل غياب الظروف المعيشية البسيطة.
هذه المنطقة التي تعيش في عزلة شبه تامة عن المناطق الجبلية الأخرى، تعاني من التهميش، بالإضافة إلى الحالة السيئة للمسالك الطرقية بالمنطقة، وهو ما أكده الفاعل الجمعوي موحا حرفو” لجريدة “شفاف” الإلكترونية.
ووفق ما صرح به حرفو، فإن نساء إملشيل تعشن أوضاعا صعبة بالمقارنة مع نساء المدن والبوادي، إذ يطالهن الإقصاء على مستوى التعليم والصحة.
ساكنة منطقة “إميلشيل” تعاني أيضا من تردي الخدمات الصحية والتعليمية بسبب النقص الحاد في الأطر الطبية والتعليمية، وانعدام سيارات الإسعاف، يضيف مصدرنا، مطالبا بالتدخل العاجل لفك العزلة عن ساكنة هذه المنطقة التي توجد بما يسمى “المغرب العميق”.
“عوض الاهتمام بمهرجان الخطوبة والزواج بإملشيل، الذي ينظم سنويا، على المسؤولين تسليط الضوء على ما تحتاجه الساكنة، عبر إعادة تأهيل الطرق ذات الطابع القروي والتي توجد في حالة يرثى لها، وتخصيص سيارة للإسعاف لنقل النساء الحوامل اللواتي يضطررن إلى الذهاب إلى مدينتي ميدلت أو الراشيدية من أجل الوضع أو يلدن بطرق تقليدية ” يؤكد الفاعل الجمعوي “حرفو”.
وقال رحو إن الوضعية الاجتماعية جد مزرية بالمنطقة، خاصة بعد الأزمة التي خلفتها جائحة كورونا، مؤكدا أن أغلب السكان يعيشون فقرا مدقعا، وأردف بدارجة مغربية تتخللها كلمات أمازيغية:” مكينش تسويق للمنتوج مكينش فين نبيعو.. هاد العام عيانة الوقت شوية.. شحال من واحد كيتسنا الموسم عاد كيبيع”.
المساعدات اتي تتلقاها الفئات الهشة والفقيرة تعد على رؤوس الأصابع، كما صرح “رحو”، فأغلب شباب المنطقة اضطروا للهجرة إلى المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط من أجل البحث عن لقمة العيش، حيث يشتغلون كسائقين في بعض الشركات.
وأورد الفاعل الجمعوي، أن الساكنة لا تعرف معنى الادخار، إذ أن دخل شباب المنطقة جد ضعيف ومحدود، إذ يصل إلى1500 درهم ولا يتعدى 2000 درهم، وهو مبلغ لا يغطي المصاريف اليومية، ناهيك عن انعدام فرص الشغل بالمنطقة، فأغلب السكان يشتغلون سواء في الفلاحة أو التجارة.
وتطالب ساكنة المنطقة بتقريب الخدمات للمواطنين، من خلال إنشاء مراكز صحية وإدارات عمومية وتوفير النقل المدرسي لتلاميذ الإعدادي والثانوي الذين يقطعون حوالي أربع كيلومترات للوصول إلى مدارسهم، وهوالسبب الرئيسي لانقطاعهم عن الدراسة.
جدير بالذكر أن موسم الخطوبة بإملشيل أو” أغدود” بالأمازيغية يقام في 23 شتنبر الجاري لمدة 3 أيام، وهو موسم سنوي تحتفل به القبائل منذ أكثر من 45 عاماً، تزامنا مع موسم الحصاد بالمنطقة وتخليدا للذاكرة الجماعية بين قبيلتي ” أيت عزا” و “أيت إبراهيم”، وتعتبره ساكنة المنطقة مكسبا تجاريا، إذ يعرضون من خلاله السلع والمنتوجات التقليدية، كما يستقطب الموسم المذكور عددا من الزوار المغاربة والأجانب.