بعدما صدر بالجريدة الرسمية هذا الأسبوع؛ الإعلان من طرف رئيس الحكومة عن أن الزلزال الذي حدث بالمملكة المغربية بتاريخ 8 شتنبر 2023 واقعة كارثية، برز الحديث عن أهمية هذا القرار وعلاقته بالمتضررين من هذه الفاجعة التي ضربت 169 جماعة بأقاليم الحوز وتارودانت وشيشاوة وورزازات وأزيلال وعمالة مراكش.
ووفق المختصين، من شأن هذا الإعلان تفعيل صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، الذي يتعلق بتعويض الأطراف المتضررة من زلزال الحوز، حيث أعلنت شركات التأمين لائحة العقود التي تعطي لأصحابها الحق في التعويض عن الأضرار المادية أو البدنية أو هما معا، وفي خضم ذلك يبرز تساؤل عن إمكانية الاستفادة من دعم الدولة والتأمين المذكور في الوقت ذاته.
♦ صندوق التضامن
جرى في عام 2016 إحداث الصندوق المتعلق بمكافحة آثار الكوارث الطبيعية المشار له بـ “صندوق التضامن” ضد الوقائع الكارثية المحدث بموجب القانون رقم 110.14، والمتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب هذه الأحداث، والذي دخل حيز التنفيذ مطلع سنة 2020؛ كنظام مؤسساتي غايته تغطية مخاطر الوقائع الكارثية وتنظيم تدبير عملية تعويض المتضررين، في إطار منظومة تعتمد على الحكامة الجيدة والتسيير المعقلن للموارد.
ويتكفل هذا الصندوق الذي تشرف عليه وزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية، بتغطية وقائع كارثية محددة، ومنها الفيضانات بما في ذلك تداعيات انهيار السدود بفعل ظاهرة طبيعية أو تدفقات طينية، ومعالجة آثار الزلازل وارتفاع المد البحري أو ما يُعرف بتسونامي، إلى جانب وقائع الأعمال الإرهابية والفتن أو الاضطرابات الشعبية عندما تشكل آثارها خطورة شديدة بالنسبة للعموم.
ويعتمد تمويل هذا الصندوق مخصصات أولية تحددها الدولة، وعبر فرض ضريبة شبه مالية وضعت لفائدته، والتي جرى تحديدها في نسبة 1% من الأقساط المتعلقة بعقود التأمين، علما أن هذا الصندوق يتألف من شقين، أولاه تدبره شركات التأمين بالنسبة للمواطنين المستفيدين من التأمين، والشق الآخر عبارة عن إعانات يدبر من طرف صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية لفائدة الأشخاص غير المتوفرين على أية تغطية تأمينية.
ووفق القانون رقم 110.14 المحدث بموجبه نظام التغطية ضد عواقب الوقائع الكارثية، يستفيد كل ضحية أو متضرر من تعويض عن كل حادث نجمت عنه أضرار بدنية أو مادية مباشرة جراء القوة غير العادية لعامل طبيعي أو إلى الفعل العنيف للإنسان.
♦ العلاقة بين صندوقي التضامن والزلزال
قال يوسف بونوال، الخبير في التأمينات، والرئيس السابق للاتحاد المغربي لوسطاء التأمين، في تصريح لجريدة “شفاف”، إن إعلان رئيس الحكومة في مرسومه بأن الزلزال واقعة كارثية ملزمة للتعويض في إطار صندوق التضامن، يعد شرطا أساسيا لاستفادة المتضررين من زلزال الحوز من هذا الصندوق، الذي يشرف عليه كل من وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية.
وأضاف بونوال صندوق التضامن المتعلق بمكافحة آثار الكوارث الطبيعية، جاء بناءً على القانون رقم 110.14 المحدث بموجبه نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، والممول من قبل الدولة والمؤمنين بنسبة 1 %، غايته التعويض بشكل جزئيا الأضرار البدنية والأضرار المادية المرتبطة بالسكن الرئيسي.
وأردف أن المرحلة الحالية سترتبط بتقييد أسماء الضحايا في سجل معد لهذا الأمر، والذي على أساسه يتم صرف التعويض، والذي يكون جزئيا، لافتا إلى أن التعويضات البدنية يعتمد في تعيين قيمتها على الظهير 2 أكتوبر 1984 المتعلق بتعويض ضحايا حوادث السير، مشيرا إلى أن هذا التعويض يجب ألا يتجاوز 70 % من القيمة المحددة من قبل هذا الظهير.
وأوضح أنه فيما يتعلق بالأضرار المادية للسكن الرئيسي، فالأمر يرتبط بنوعين من التعويضات، أحدهما يتعلق بفقدان الانتفاع من المسكن في حدود 6 من أضعاف السومة الكرائية للمالك، وفي حدود 3 من السومة الكرائية الشهرية بالنسبة للمكتري، والنوع الثاني للتعويض يهم مبلغ إصلاح هذا المنزل على أساس معادلة حسابية يعتمد فيها على الأخذ بعين الاعتبار صفة الكارثة والحد الأدنى من قيمة الأضرار وتكلفة إعادة البناء من جديد، ومعدل تخفيض يصل لـ 70 % الذي يتم على أساسه احتساب القيمة النهائية لهذا التعويض.
وأشار الرئيس السابق للاتحاد المغربي لوسطاء التأمين، إلى أن الصندوق المحدث من طرف الملك محمد السادس، من أجل تدبير أثار الزلزال الذي ضرب عددا من مناطق المملكة، لا علاقة له بصندوق التضامن المحدث لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، موضحا أن “صندوق الزلزال” أُسس من أجل التضامن والمساهمة في تدبير الآثار المترتبة عن هذه الكارثة الطبيعية، أي أنه غير خاضع للمبدأ التأميني.
♦ تعويض المؤمنين
أوضح يوسف بونوال، إلى من يملك التأمين ووقعت له أضرار بسياراتهم أو محلاتهم التجارية أو مساكنهم فإنهم سيستفيدون من التعويض في حالة اكتسابهم لعقود تأمين تخص الممتلكات المهنية والمركبات والمسؤولية المدنية المرتبطة بالأضرار الجسمانية، التي يجب أن تكون سارية المفعول وقت وقوع هذه الفاجعة، من أجل استفادة المؤمَنين المتضررين، وذلك وفق العقد المبرم مع شركة التأمين.
وأردف الرئيس السابق للاتحاد المغربي لوسطاء التأمين إلى أن السقف الأعلى المحدد في التعويض الخاص بالسيارات هو 200 ألف درهم (20 مليون سنتيم)، وبالنسبة للمنازل جرى تحديده في 2 مليون درهم (200 مليون سنتيم).
ولفت إلى أن الشق المتعلق بالنظام التأميني الخاضع لصندوق التضامن، سيفعل بشكل سريع، مشيرا إلى أن أغلب الأشخاص المتضررين سيستفيدون من هذا الأخير، باعتبار أن نسبة كبيرة من الناس المتضررة من هذا الزلزال ليس لها أي تأمين، والذي يدخل في إطار الإعانة أو التضامن أو المساعدة.
بخصوص إمكانية استفادة المتضررين بكل من صندوق التضامن وشركات التأمين في الوقت ذاته، يشير بونوال إلى أنه منذ فاتح يناير 2020، أصبح اكتساب الشخص لضمانة أو تغطية ضد الكوارث الطبيعية إلزاميا بمقتضى القانون.
وتابع أنه بموجب اكتساب أي شخص لعقد تأمين على المنزل أو السيارة أو الممتلكات المهنية أو ما يرتبط بالمسؤولية المدنية للاستغلال، فهو ملزم أن يؤدي قسطا للتأمين على الكوارث الطبيعية، لافتا إلى أن هذه الفئة سيجري تعويضها في هذا الإطار التعاقدي.
وشدد الخبير في التأمينات على أنه لا يمكن أن يستفيد الشخص أو أي طرف؛ مؤسسة كانت أو مقاولة من النظام الإعاني أو المساعداتي، لأنه سيستفيد من التعويض الخاص بشركات التأمين، موضحا أن أمر الاستفادة مرتين عن نفس الأضرار غير ممكن بتاتًا.
♦ شركات التأمين
كشفت الجامعة المغربية للتأمين عن تفعيلها لنظام التأمين لصالح ضحايا الزلزال الذي ضرب عددا من مناطق المملكة في 8 شتنبر الماضي، مشيرة إلى أن الأمر يقتصر فقط على الأشخاص الذين يتوفرون على عقود التأمين.
وأوضحت الجامعة في بلاغ لها، أن عقود التأمين المعنية هي تلك التي تغطي الأضرار عن الممتلكات، كالتأمين على السكن والمحلات الصناعية والتجارية، إضافة إلى عقود التأمين على السيارة بالنسبة الأضرار التي تصيب المركبات وكذا الأضرار البدنية التي تصيب المالك أو الزوجة أو الزوج والأطفال بما في ذلك حالات الوفاة.
وأشارت إلى أن أمر التعويض يقتصر فقط على الفئات والأطراف المؤمنة التي كانت تتواجد في إحدى المناطق المعلنة من طرف الحكومة مناطق منكوبة في الأقاليم المتضررة من “زلزال الحوز”.
وضمت لائحة العقود المستفيدة من التعويض تلك التي تغطي المسؤولية المدنية كالمسؤولية المدنية التشغيلية بالنسبة للأضرار التي تعرض لها الأغيار المتواجدين داخل المحلات المنصوص عليها في العقود.
ودعت المؤمنين لهم والمستفيدين من خدمات التعويض، إلى ضرورة إيداع تصاريحهم وطلبات تعويضاتهم في أجل لا يتعدى 7 نونبر 2023، مستثنية منهم الأطراف التي سبق لها أن وضعت تصاريحها وطلباتها قبل نشر هذا البلاغ أمس الأربعاء، مبرزة أنهم ليسوا مطالبين بأي إجراء إضافي.
وأوضحت الجامعة المغربية أن شركات التأمين سوف تتكلف مباشرة بعملية تسجيل جميع الضحايا المؤمنين الذين تقدموا بطلبات التعويض في سجل التعداد الوطني.
♦ الدعم الحكومي
أعلنت الحكومة في وقت سابق عن رصد 120 مليار درهم خلال 5 سنوات المقبلة، لتنمية المناطق المتضررة من زلزال الحوز، وعن منح مالية لإعادة الإسكان وتهيئة الطرق.
وذكرت أنها ستشرع في تقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم ( 14 مليون ستنيم) لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (8 ملايين سنتيم) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا.
كما قامت الحكومة ابتداءً من شهر شتنبر الجاري، على أن يستمر الأمر لمدة سنة، بصرف منحة قدرها 2500 درهم شهريا لكل أسرة متضررة من هذا الزلزال.
ويذكر أنه تنفيذا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، تم إحداث الصندوق رقم 126 الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال، وذلك في إطار الجهود الوطنية المبذولة لمكافحة آثار الزلزال الذي شهدته بعض مناطق المملكة.

