شدد بلاغ الديوان الملكي، الصادر يوم الخميس 14 شتنبر، على “ضرورة أن يتم إجراء عملية إعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز على أساس دفتر للتحملات، وبإشراف تقني وهندسي بانسجام مع تراث المنطقة والذي يحترم الخصائص المعمارية المتفردة”، موضحا أن المبادرات الفورية لإعادة الإعمار، تتم بعد “عمليات قبلية للخبرة وأشغال التهيئة وتثبيت الأراضي.
•إطار قانوني يحدد ضوابط البناء الطيني بالمغرب
بخصوص نوعية البناء المنجز بالطين والذي يراعي تراث وخصوصية بعض المناطق الجبلية ويقاوم الزلازل فقد سبق وأن فصّل فيه مرسوم صدر بالجريدة الرسمية في 28 ماي 2013، باقتراح من وزارة السكنى والتعمير، يحدد ضوابط هذا البناء، للمحافظة على الخصوصية العمرانية المحلية، مع جعلها حافظة للأرواح والممتلكات.
وبناء على المرسوم الوزاري فإن المملكة تتوفر على ضابطة البناء بالطين المضاد للزلازل، التي تتكون من قسم أول يهم ضابطة البناء بالطين المضاد للزلازل RPCT 2011 المطبقة على المباني المنجزة بالطين المحددة فيها قواعد الوقاية من الزلازل الواجب توفرها في المباني من أجل ضمان السلامة، والقسم الثاني يهم ضابطة البناء المضاد للزلازل المطبقة على المباني المنجزة ذاتيا بالطين RPACT2011.
ويقدم المرسوم ضوابط مفصلة للتقنيات الصالحة للبناء الطيني الملائمة لكل منطقة من مناطق البلاد، بناء على عواملِ التقنيةِ والاقتصاد والمناخ والثقافة، بعد تقسيم التراب المغربي إلى خمس مناطق زلزالية، وتوضيح أنواع الطين المناسبة، والمواد الأنسب لتدعيم كل منها، والاختبارات الصالحة في المواقع “لاختيار أفضل المواد”، والتحقق من “جودة المادة بالنسبة للبناء الذاتي بالطوب الطيني”، واختبار مراقبة التشققات، ومقاومة وحدات الطوب الطيني.
ويروم هذا المرسوم “تأمين سلامة العموم عند حدوث هزة أرضية، وتأمين استمرارية الخدمات الأساسية، وتأمين حماية الممتلكات المادية”، ويقصد “تحسين فعالية البنايات المنجزة بالطين تجاه الزلازل في احترام للتنوع المعماري الذي يمثل عاملا مهما لجذب السياح و يمثل الهوية الجامعة للمملكة.
• إحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال
تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، الرامية إلى إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز”، صادق مجلسُ الحكومة الأربعاء الماضي على مشروعِ المرسوم بالقانون الخاص بإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير،.
ويهدف مشروعُ هذا المرسوم بقانون إلى إحداث مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، تحت اسم “وكالة تنمية الأطلس الكبير”، يعهد إليها بالإشراف على تنفيذ برنامج إعادة الإعمار وتدبير مشاريعه.
ويتضمن هذا المشروع، حسب بلاغ للحكومة، “مجموعة من المقتضيات تهم تحديد المهام والصلاحيات المنوطة بالوكالة، والمتمثلة على الخصوص في: إنجاز مجموع مكونات ومشاريع البرنامج، ولاسيما إنجاز مشاريع إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة مع أخذ البعد البيئي بعين الاعتبار، وفي احترام تام للتراث المتفرد وتقاليد وأنماط عيش ساكنة المناطق المعنية وكذا لضوابط ومعايير البناء المقاوم للزلازل، وإنجاز مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمناطق المستهدفة المدرجة بالبرنامج المذكور؛ والعمل على تحقيق التقائية وانسجام المشاريع المدرجة بالبرنامج بتنسيق مع مختلف الإدارات والفاعلين المعنيين؛ وتتبع إنجاز البرنامج وإعداد حصيلة الإنجازات، ولاسيما مستوى تقدم إعداد المشاريع والالتزام بالنفقات ومستوى تقدم الأشغال، ووضعيات الأداء”.
بالإضافة إلى مقتضيات تهم، وفق المصدر نفسه، “التنصيص على إبرام عقد برنامج بين الدولة والوكالة يحدد على الخصوص مكونات البرنامج، وأهدافه، وكيفيات تمويله، وكذا الجدولة الزمنية لإنجازه والمحددة في خمس (5) سنوات؛ وتحديد أجهزة إدارة وتسير الوكالة المتمثلة في مجلس التوجيه الاستراتيجي، الذي يرأسه رئيس الحكومة، والمدير العام للوكالة، وتحديد مهام واختصاصات كل منهما؛ وتحديد التنظيم الإداري والمالي للوكالة؛ وإلزام إدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية بموافاة الوكالة، بطلب منها، بالمعطيات والمعلومات والوثائق الضرورية لتمكينها من الاضطلاع بالمهام الموكولة إليها؛ مع فتح إمكانية لجوء المدير العام للوكالة إلى الولاة والعمال المعنيين، من أجل إصدار التراخيص اللازمة لإنجاز مشاريع البرنامج في حالة تأخر أو رفض غير مبرر من طرف الإدارات والمؤسسات العمومية والهيئات المعنية لمنح هذه التراخيص..
•إعادة الإعمار تستوجب احترام خصوصيات المناطق المنكوبة
أنس الجبروني مهندس خريج المدرسة الحسنية للأشغال العمومية يرى أن التأكيد الملكي السامي على ضرورة إعادة البناء والاعمار على أساس احترام الخصوصيات الهندسية المعمارية والتراثية المحلية بالمناطق المتضررة من الزلزال يؤكد بما لايدع مجالا للشك بأن الرؤية السديدة لجلالة الملك ستحقق الاستقرار للساكنة في فضاء يضمن لها السلامة ويوفر لها شروط العيش في احترام تام لتراث و خصوصيات المنطقة .
وأضاف المتحدث في تصريح لجريدة “شفاف” على أن عملية تشييد المباني يجب أن تتم وفق التوجيهات الملكية وفي احترام تام للخصائص المعمارية للمنطقة المنكوبة وبالتالي فمن الضروري أن يتم الاستناد للتراث المحلي في عملية إعادة الإعمار”.
وشدد المتحدث على أنه العمارة الطينية والترابية ضاربة في القدم بالمناطق التي ضربها زلزال الحوز وبالتالي فمن الصعب اقتراح شكل هندسي مستورد من خارج المنطقة على الساكنة التي عاشت لسنوات داخل مساكن توارثتها أبا عن جد.
ويلفت المهندس المدني إلى أن خصوصية المناخ في المناطق الجبلية، يعتبرا تحديا يتطلب مقاربة نوعية في عملية إعادة الإعمار لاسيما وأن الجو يكون حاراً جداً في الصيف وبارد في الشتاء، وبالتالي فالبناء الإسمنتي في هذه المناطق من شأنه أن يشكل عائقا بالنسبة للساكنة .
وسجل الجبروني على أن المنهجية المثلى في إعادة الإعمار هي المزج بين المكونات الطبيعية والبيئية المحلية، وتطويرها بطرق علمية دقيقة تستجيب لطبيعة المنطقة بما يحقق السلامة للساكنة ويحفظ لها شروط العيش في مساكن تحترم خصوصياتها وتتلائم مع نمك عيشها .”
وأكد المتحدث على أن الحفاظ على المعمار التقليدي بالمناطق الجبلية يعتبر عامل جذب سياحي مهم يساهم في توفير مورد دخل مهم للآلاف من أبناء المنطقة .