كشف معهد “آفاق الجيوسياسية” (IGH) عن انطلاق مسار دبلوماسي سري بين المغرب والجزائر، يتمثل في وساطة رفيعة المستوى تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين البلدين.
وأوضح التقرير، استنادًا إلى مصادر دبلوماسية موثوقة، أن هذه الوساطة جاءت بناءً على طلب من الجانب الجزائري، الذي طرح عبر الوسيط مقترحات ملموسة للمصالحة تتضمن تنازلات جوهرية لصالح المملكة المغربية.
زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي إلى الجزائر والمغرب.. ماهي خلفيات وأبعاد الزيارة؟
وأشار المعهد إلى أن هذا التطور يأتي في سياق إقليمي يشهد تعقيدات وتداخلًا في المصالح، ما يجعل أي تحسن في العلاقات بين البلدين حدثًا ذا أهمية بالغة على المستويين الإقليمي والدولي.
كما أضاف التقرير أن المعلومات المتاحة تفتح آفاقًا جديدة للعلاقات المغربية الجزائرية، مع إشارة واضحة إلى رغبة الطرفين في تجاوز الخلافات والعمل على بناء تعاون مثمر.
ووفق التقرير، يبقى السؤال حول مدى جدية هذا المسار الدبلوماسي وإمكانية تحقيقه فعليًا. فنجاح هذه الوساطة قد يكون خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار والأمن الإقليميين، وفتح آفاق للتعاون الاقتصادي والثقافي في المنطقة.
التقارب بين مالي والمغرب.. هل تشكل الخطوة تهديدا لمصالح الجزائر وتكرس عزلتها في منطقة الساحل؟
♦وساطة مستبعدة
أكد مشيج القرقري، المسؤول عن العلاقات الخارجية في حزب الاتحاد الاشتراكي، على أن الوساطة لحل الخلافات القائمة بين المغرب والجزائر، والتي تحدث عنها معهد “Institut Géopolitique Horizons”، بعيدة كل البعد عن التحقق، مستندًا في ذلك إلى مؤشرات واضحة لعداء النظام الجزائري المستمر تجاه كل ما يرتبط بسيادة المغرب وسلامة أراضيه، ما يعيق جهود المصالحة بين البلدين.
وأوضح القرقري في تصريحه لجريدة “شفاف”، أن النظام الجزائري يظهر معارضة متواصلة للمغرب في المحافل الدولية، سواء في مجلس الأمن أو اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، حيث يدعم بعض الأطراف المناوئة للمملكة في ملف الصحراء المغربية ويعمل على إعاقة حق المغرب في الحفاظ على وحدته الترابية، مما يشير بوضوح إلى موقف عدائي ثابت.
وأشار القرقري إلى أن النظام الجزائري يعيش عزلة متزايدة على الساحة الجيوسياسية، إذ يبتعد عن بناء علاقات إيجابية مع دول الجوار ويكرس سياسته العدائية، ويظهر هذا جليًا في التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مصر الذي حاول أن يتدخل في شؤون المغرب في تحد صارخ للأعراف الدولية.
فرض الجزائر التأشيرة على المغاربة.. قراءة في حيثيات الخطوة الاستفزازية وسيناريوهات الرد المغربي
♦عزلة الجزائر
واعتبر القرقري أن النظام الجزائري يفتقر إلى الرؤية السياسية الناضجة للخروج من مأزقه، حيث لا تزال القيادة الجزائرية متشبثة بعقيدة سياسية قديمة، تروج لفكرة تقويض المغرب كوسيلة لتعزيز موقعها.
وأوضح المتحدث رغم أن العالم اليوم يسير نحو التعاون والشراكة من أجل تحقيق التنمية المشتركة، إلا أن النظام الجزائري لا يزال يعطل هذه الجهود، في موقف يتنافى مع روح العصر ويضر بمصالح الجزائر نفسها، حيث يحرمها من الاستفادة من الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية مع المغرب ودول الجوار.
وأكد القرقري أن الملك محمد السادس لطالما دعا دائما إلى فتح باب الحوار مع الجزائر والعمل على تجاوز الخلافات لصالح شعبي البلدين، إلا أن النظام الجزائري استمر في رفض هذه الدعوات، ما يفاقم من عزلته الإقليمية.
وأشار إلى أن المواقف الجزائرية في المحافل الدولية تعكس تناقضاً مع التضامن الإقليمي، إذ يواصل النظام الجزائري التأثير سلبًا على مواقف بعض الدول بشأن قضية الصحراء المغربية، ويضغط لإحباط القرارات الداعمة لوحدة المغرب، رغم أن المملكة أبدت حسن نية في إيجاد حل سلمي ومستدام.
♦دعم فرنسي
وفي سياق متصل، شدد القرقري على أهمية ملف الحدود بين المغرب والجزائر، مشيراً إلى استعداد المغرب لتلقي أكثر من مليوني وثيقة تاريخية من نظيره الفرنسي، والتي ستكشف عن حقائق جديدة تدعم حقوق المغرب التاريخية على أراضيه.
وأوضح أن المغرب يأمل بأن تسهم هذه الوثائق في تعزيز موقفه أمام الرأي العام الدولي، مؤكدًا أن المغرب لا يسعى إلى تصعيد الخلافات مع الجزائر، بل يسعى إلى حماية حقوقه التاريخية واحترام سيادته.
وأضاف القرقري أن فرنسا لعبت دورًا محوريًا في دعم مغربية الصحراء، حيث تعتبر المغرب شريكًا استراتيجيًا وتدعم جهوده لإيجاد حل للقضية في إطار الحكم الذاتي.
وأضاف القرقري، أن دعم فرنسا لوحدة المغرب وإشادتها بدوره المملكة الاستراتيجي في منطقة الساحل والصحراء. يعكس شراكة استراتيجية طويلة الأمد بين البلدين، خصوصا أن باريس تعتبر المغرب فاعلاً محورياً في المنطقة.
وأكد أن هذا الدعم الفرنسي يحمل أهمية كبيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، حيث يعزز مواقف المغرب في المحافل الدولية ويسهم في تحييد محاولات بعض الجهات الدولية لزعزعة استقرار المنطقة.
كما أن فرنسا، وفق المتحدث ذاته، تعتبر المغرب لاعبًا أساسياً في تعزيز الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل والصحراء، حيث يسهم بشكل كبير في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات، وهي قضايا ترتبط كذلك بمصالح الجزائر، إلا أن النظام الجزائري لم يظهر بعد القدرة على التفاعل الإيجابي في هذا السياق.
♦الاستقرار
وأشار القرقري إلى أن تحقيق التعاون الإقليمي بين المغرب والجزائر، في حال ما ثبت صحة تلك الوساطة وتفاعلا معها الجانبان بشكا إيجابي، سيكون له أثر إيجابي كبير على المنطقة بأكملها.
وأبرز كذل في حالة التقارب بين البلدين من شأنه أن يعزز الاستقرار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، ويفتح المجال أمام فرص اقتصادية واجتماعية لكلا البلدين وفق مبدأ “رابح-رابح”، من خلال شراكات استراتيجية ثنائية تشمل قطاعات متعددة وتحقق منافع مشتركة للمغرب والجزائر.