أثارت تصريحات رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال الملتقى الوطني الأول للهيئة الوطنية للمتصرفين والأطر الإدارية للتجمعيين، موجة من الانتقادات من جانب المعارضة، التي اعتبرت أن تأكيده على تحسن مؤشرات التضخم وانخفاض أسعار بعض المنتجات، مثل الخضر، لا يعكس الواقع المعيشي الصعب الذي يعيشه المواطنون.
وانتقدت المعارضة كذلك ما وصفته بـ”التفاؤل المبالغ فيه” في تصريحات رئيس الحكومة، معتبرة أن التحديات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، وعلى رأسها ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف القدرة الشرائية، تتطلب مقاربات أكثر جدية وشفافية. متسائلة عن جدوى السياسات الحكومية المعلنة، في ظل ما تصفه بغياب نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية.
وفيما يتعلق بالتزام الحكومة بخفض أسعار اللحوم، اعتبرت المعارضة أن هذه التصريحات مجرد وعود متكررة، مطالبة الحكومة بالكشف عن خطوات عملية ومحددة لتحقيق ذلك.
كما أبدت تحفظها بشأن حديث أخنوش عن دور المتصرفين والأطر الإدارية في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، مشيرة إلى أن التحديات البنيوية في القطاعات الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم، ما زالت تعيق تحقيق الأهداف المعلنة.
الحصيلة المرحلية لحكومة أخنوش.. ماذا تحقق وهل فعلا وفت الحكومة بوعودها الانتخابية؟
وتؤكد المعارضة أن الحكومة بحاجة إلى إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على تقديم حلول واقعية وعاجلة لمعالجة الأوضاع المعيشية المتردية، بدلاً من الاكتفاء بالتصريحات التي قد تزيد من حالة التوتر الاجتماعي.
♦تضليل باهت
وجه النائب البرلماني عن فريق التقدم والاشتراكية، حسن أومريبط، انتقادا لاذعا للحكومة ولرئيسها بعد تصريحه الأخير خلال أشغال الملتقى الوطني الأول للهيئة الوطنية للمتصرفين والأطر الإدارية التجمعيين، الذي قال فيه أن الحكومة أوفت بجميع وعودها للمغاربة رغم الظروف الصعبة التي جاءت فيها الأخيرة.
وأشار أومريبط في تصريح لجريدة “شفاف”، إلى أن رئيس الحكومة والمحيطين به، وخاصة من حزبه، يستغلون المحطات الحزبية وأنشطتهم الخاصة لتمرير العديد من المغالطات التي لم يتمكنوا من تقديمها عبر القنوات الرسمية أو المنابر المؤسساتية، مثل البرامج الحوارية الجادة والجلسات البرلمانية العامة أو اللجان البرلمانية.
وأكد المتحدث، أن الوضع الحالي للبلاد لا يخفى على أحد، وأن محاولات التضليل أو “الضحك على الذقون”، حسب وصفه، أصبح أمرا غير مقبولا في زمن التطور التكنولوجي الذي يسمح للمواطنين بمتابعة الأحداث والتطورات بشكل مباشر ودقيق، سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو التربوي.
وأضاف الفاعل السياسي، أن الحكومة بدلًا من أن تواجه الواقع بشفافية ومسؤولية، تلجأ إلى تكتيكات ملتوية لنقل رسائلها، ما يعكس، حسب رأيه، عجزها عن تقديم إجابات حقيقية على تساؤلات المواطن المغربي.
وشدد البرلماني على أن هناك فجوة متزايدة بين الحكومة والمواطنين، بسبب سياسات تعتمد على الترويج للأوهام بدلاً من مواجهة الأزمات الحقيقية التي تعصف بالبلاد. مشيرا إلى أن الحكومة لم تستطع، حتى الآن، تقديم أي برامج أو مبادرات ملموسة لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تتفاقم يومًا بعد يوم. ومعتبرا أن هذه التصرفات لا تعكس فقط ضعفًا في الأداء الحكومي، بل أيضًا تهربًا من المسؤولية السياسية والأخلاقية تجاه الشعب.
♦مطالب بحلول حقيقية
وفي سياق انتقاده للحكوم، أشار أومريبط إلى أن الحكومة تواصل التغاضي عن المشاكل الكبرى التي يعاني منها المواطن المغربي، بدءًا من ارتفاع معدلات البطالة، وغلاء المعيشة، مرورًا بضعف السياسات التعليمية والصحية، وصولًا إلى تدهور القدرة الشرائية للطبقة الوسطى والفئات الهشة. وموضحا أن هذه القضايا باتت تثير استياءً عارمًا في صفوف الشعب، الذي أصبح أكثر وعيًا بحقوقه وبحجم الأزمات التي تعاني منها البلاد.
وقال أومريبط إن الحكومة مطالبة بأن تنفتح بشكل حقيقي على النقاش العمومي والبرلماني، وأن تقدم حلولًا عملية عوض اللجوء إلى لغة الإنكار والمغالطات. مضيفا أن العمل السياسي يجب أن يكون جادًا ومسؤولًا، ويعكس التزامًا حقيقيًا بتحسين أوضاع المواطنين وليس مجرد وسيلة للترويج الحزبي.
في حوار مع “شفاف”.. التامني: “الحكومة سلّعت الصحة وتتجه نحو الانسحاب التدريجي من الخدمة العمومية”
وأعرب البرلماني عن أسفه إزاء تراجع مستوى الحوار السياسي في البلاد، معتبرًا أن ذلك يعد مؤشرًا خطيرًا على تراجع الديمقراطية واحترام المؤسسات. ولفت إلى أن الحكومة تبدو وكأنها تهرب من مواجهة الأسئلة الصعبة وتفضل التركيز على الدعاية الحزبية التي لا تخدم إلا مصلحة فئة صغيرة على حساب الأغلبية.
وأكد أومريبط أن “زمن التلاعب بالرأي العام قد ولى”، مشددًا على أن المواطنين باتوا أكثر وعيًا بحقوقهم وبالوسائل التي تمكنهم من متابعة وتتبع أداء الحكومة بشكل يومي، بفضل التطور التكنولوجي والمنصات الرقمية التي تكشف الحقيقة وتُظهر التناقضات. مردفا على أن المغاربة لم يعد يتأثروا بالخطابات الرنانة والوعود الجوفاء التي لا تنعكس على أرض الواقع.
ودعا البرلماني حسن أومريبط الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها والالتفات إلى القضايا الحقيقية التي تؤرق الشعب المغربي، بدلًا من التمادي في ترويج المغالطات وتجاهل صوت المواطنين.
وفي ختام تصريحه، أكد أن فريق التقدم والاشتراكية سيواصل القيام بدوره في الدفاع عن حقوق الشعب ومساءلة الحكومة عن سياساتها وتوجهاتها، مشددًا على أن العمل البرلماني يجب أن يظل أداة حقيقية لتحقيق التغيير ومحاسبة المسؤولين، بعيدًا عن أساليب الدعاية والإنكار التي لم تعد تجدي نفعًا.
بعد مرور سنة على تنصيبها.. هل نجحت الحكومة في الالتزام بوعودها؟

