يواجه عدد من المعارضين للنظام العسكري الجزائري بالخارج وكذا الكاشفين لأكاذيب وادعاءات هذا الأخير من غير الجزائريين، اعتداءات وتهديدات بالتصفية الجسدية بشكل متواصل، من طرف الجهات التي ترفض كشف الحقائق وتعرية التدليس الذي تعمل على نشره قيادة الجارة الشرقية على المستويين الداخلي والخارجي.
وتعرض نهاية الأسبوع الماضي المعارض الجزائري أمير بوخرص المعروف باسم “أمير ديزاد” بالعاصمة الفرنسية باريس، لمحاولة اغتيال خلال مشاركته في إحدى الوقفات الاحتجاجية بساحة الجمهورية، تنديدا بالأوضاع في الجزائر، إذ باغته أحد الأشخاص من الخلف وضربه على الرأس وقام بخنقه، ولولا تدخل عدد من الأفراد المتواجدين بالمكان، لا فارق أمير الحياة.
واتهم “أمير ديزاد” في منشور له مرفوق بالشهادة الطبية التي تبرز ما تعرض له خلال هذا الاعتداء؛ المخابرات الجزائرية محملا إياها المسؤولية الكاملة، مشيرا إلى أنها كانت مندسة داخل الحراك بباريس، إضافة لتحريضها بمنشورات وفيديوهات على اغتياله بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
ورفع النظام الجزائري عبر المنتسبين له في بلدان أوروبا من منسوب هجماته على المعارضين الجزائريين وحتى على العرب الذين يخالفونه في الرأي ويكشفون الحقائق عما يجري في الجزائر، خلافا لما يروج له العسكر من مغالطات وأكاذيب، وذلك بعد أن طالبت الجزائر في وقت سابق دولا أوروبية بتسليم عديد الأفراد أمثال نجيم ويحيى مخلوف، وأمير ديزاد، وهشام عبود، وعبدو السمار، ومحمد العربي زيتوت، وفرحات مهني وغيرهم.
وقوبلت طلبات النظام الجزائري بتسليم طالبي اللجوء السياسي في أوروبا بالرفض، حيث أصدرت محكمة الاستئناف بباريس في 21 شتنبر الماضي حكما رافضا لطلبات تسليم الناشط والمدون “أمير ديزاد” (39 عاما)، والذي يقيم في فرنسا منذ 2016، والذي أصدرت السلطات الجزائرية في حقه خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2019 سبع مذكرات توقيف في إطار إدانات في الجزائر تتعلق بارتكاب أعمال بـ “الانضمام إلى جماعة إرهابية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية وتمويل جماعة إرهابية تستهدف أمن الدولة وغسل الأموال في إطار عصابة إجرامية”.
وطال أمر التهديد بالتصفية الجسدية مؤخرا “اليوتوبر” اليمني أسعد الشرعي، وذلك بعد زيارته للمغرب وخصوصا للأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث عبر من قلب الصحراء من مدينتي الداخلة والعيون عن دعمه لمغربية الصحراء، وأبرز التنوع الثقافي والعيش في سلام وأمن وطمأنينة والتطور والنهضة بهاتين المدينتين وغيرهما من المناطق.
تحريض مباشر على الإرهاب و دعوة إلى قتل الناشط اليمني أسعد الشرعي من طرف المدعو مصطفى بونيف#مغرب#الجزائر#أسعد_الشرعي #بونيف pic.twitter.com/hlMOMnANf4
— ميسرة المضغري (@Sahrawardi6) November 15, 2022
وفي هذا الصدد، أبرز أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات المغربية الجزائرية، أن التهديد بالتصفية الجسدية الذي تعرض له الناشط و”اليوتوبر” من جنسية يمنية اسعد الشرعي، من طرف محسوبين على النظام العسكري الجزائري، والتحريض على قتله مباشرة على الهواء، هو عمل إجرامي جبان ويعاقب عليه القانون، ويندرج ضمن لائحة الأعمال الإرهابية، وبالتالي علينا رفضه وإدانته بشدة، وعلى الجهات القضائية في بريطانيا، البلد الذي يعيش فيه المواطن اليمني، فتح تحقيق في الموضوع ومتابعة المعني بالأمر، واستصدار مذكرة دولية بالبحث عنه وتسليمه ليحاكم على هذه الجريمة الشنعاء، كما على كل الأحرار عبر العالم والمنظمات الحقوقية مؤازرة هذا الناشط اليمني وإدانة النظام الجزائري.
وأوضح نور الدين أن الأسباب التي تدفع النظام العسكري الجزائري إلى تهديد الصحافيين او الشروع فعليا في محاولة اغتيالهم كما حدث الأسبوع الماضي بباريس مع المناضل الجزائري المعروف باسم “أمير ديزاد”، فهي معروفة تتلخص في السعي الى إخراس كل الأصوات الحرة التي تفضح الطبيعة الدكتاتورية للنظام الجزائري، وجرائمه السياسية والاقتصادية والاجتماعية سواء أكانت جرائم في حق الشعب الجزائري ام جرائم ضد جيرانه في المغرب.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الشرعي اجتمع فيه السببان، فهو سلط الاضواء الاعلامية على التورط المباشر والفاضح للنظام الجزائري في خلق وإدامة النزاع حول الصحراء المغربية، وكشف لملايين متابعيه على الشبكات الاجتماعية، كيف تصرف الجزائر أموال النفط والغاز ضد المغرب في وقت يحتاج فيه الشعب الجزائري إلى كل دولار لشراء الحليب والزيت والدواء، وفضح هذا الناشط كيفية عرقلة الجزائر أمر الوصول إلى حل في هذا النزاع الصحراء المفتعل، وكيفية تحكمها في قيادة الجبهة الانفصالية “البوليساريو”، والشكل الذي تسعى من خلاله الى هدم وحدة المغرب وفصله عن أقاليمه الجنوبية.
ولفت أيضا إلى أن الناشط اليمني أظهر كيف تحتضن الجزائر المشروع الانفصالي تسليحا وتمويلا ودعاية، وكيف تجردت الدبلوماسية الجزائرية وسخرت كل إمكانياتها للترويج للانفصال والمرافعة عنه في المنظمات الدولية، وكيف تجيش التأييد للانفصال لدى الدول الافريقية وفي أمريكا اللاتينية، مستعينة بفائض البترودولار لشراء ذمم المسؤولين عبر العالم، مشيرا إلى أنه لم يكن النظام العسكري الجزائري ليسكت عن كل من يفضحه ويسقط الأقنعة الزائفة عنه، خاصة وأنه خلال 50 سنة من العدوان على المغرب، ظل يردد أن الجزائر ليست طرفا في النزاع، وأنها مجرد دولة ملاحظة، وأنها تسعى الى إيجاد حل، وفجأة اكتشف ملايين الناس عبر العالم بفضل الإمكانات التي تتيحها شبكات التواصل الاجتماعي؛ أن الجزائر هي عدو المغرب وان الجبهة الانفصالية مجرد أداة أو “أراكوز” تحرك خيوطه عصابة الجنرالات الدمويين المتحكمين في رقاب أربعين مليون جزائري.
وقال نور الدين إنه امام هذا الوضع فقدت العصابة الجزائرية الحاكمة أعصابها وبدأت في اتخاذ قرارات زادت من كشف الحقيقة أمام العالم، ومنها قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب وإغلاق الأجواء الجزائرية في وجه الطيران المدني المغربي، وسحب السفير الجزائري من إسبانيا بسبب دعم مدريد للموقف المغربي في الصحراء، والهجوم على مواقع مغربية في واحة العرجة ناحية فكيك، رغم أنها خارج مناطق النزاع في الصحراء، وتحريض ميلشيات “البوليساريو” على شن هجمات في المنطقة العازلة بالصحراء، وقبل ذلك قطع الطريق الدولية في معبر الكركرات، وغيرها من الأعمال العدوانية التي أكدت للعالم أن الجزائر هي العدو المباشر للمغرب في نزاع الصحراء.
وأكد الخبير في العلاقات المغربية الجزائرية، أن الدولة الجزائرية لجأت إلى أسلوب المافيات والجماعات الإرهابية من خلال التهديد بالقتل لكل النشطاء في الصحافة والشبكات الاجتماعية، كأسلوب لترهيبهم وثني الآخرين عن نهج نفس الطريق.
وأشار أيضا إلى أنه على الصعيد الداخلي أي في الجزائر نفسها هناك اغتيالات واختطافات، مبرزا أن أزيد من 300 مناضل وناشط حقوقي وصحافي جزائري ما بين مختطف وسجين او ممن تم اغتياله، وأنه من أبرز مؤشرات الوضع المأساوي الخطير هو هروب ثلاثة من أعضاء قياديين في مكتب رابطة حقوق الإنسان في الجزائر إلى دول أوروبية وطلبهم اللجوء لديها، وهم سعيد صالحي، وعيسى رحمون، وصلاح دبوز، وهذا خلال الفترة الاخيرة فقط.
وتابع القول إن كل ذلك يأتي دون الحديث عن وصول تسعمائة (900) جزائري خلال يومين فقط، 11 و12 شتنبر الماضي، إلى السواحل الأوروبية عبر الهجرة السرية، منهم الذين فروا خوفا من الاعتقال أو الاغتيال بسبب مواقفهم من النظام الجزائري.